للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى البلاذريُّ في تاريخه (١) أن سعدًا امتنع من بيعة أبي بكرٍ، فوجَّه إليه رجلًا ليأخذ له عليه وهو بحوران، فأبى، فرماه بسهمٍ فقتله، قال: وفيه يُروى هذا الشعر الذي تنتحله الجن.

قلت: وهذا وهمٌ من البلاذريِّ؛ لاتِّفاق أهل السّير على أن سعدًا ما خرج من المدينة إلا بعد موت أبي بكر.

وقال أبو عبيدٍ القاسمُ: مات سعد سنةَ أربع عشرة، وقيل: سنة ست عشرة، والأول أصحّ وأثبتُ، وذكر أبو القاسم بن عساكر في تاريخه (٢) أن سعدًا سكن دمشق. قلت: ولا يُعرفُ بحوران قبرُ سعدٍ، وإنما بغوطة دمشق بقريةٍ يُقال لها: المنيحة، فيها قبرٌ يُعرف بسعدٍ، فيحتمل أنه مات بحَوران، ثم نُقل إليها (٣).

وليس في الصحابةِ من اسمه سعد بن عبادة غير اثنين: أحدهما هذا، والثاني سعد ابن عبادة الزُّرقي، أنصاريٌّ أَيضًا (٤).

وأسند سعدُ بنُ عبادة عن النبي الحديث، فأخرج له أحمد في "المسند" سبعة أحاديث، وليس له في الصحيح شيءٌ.

قال أحمد بإسناده عن قتادة قال: سمعتُ الحسن يُحدِّث عن سعد بن عبادة: أن أمَّه ماتت فقال: يا رسول اللَّه، إنَّ أمّي ماتت، فأتصدَّق عنها؟ قال: "نعم"، قال: فأيّ الصدقةِ أفضل؟ قال: "سقي الماء"، قال: فتلك سقايةُ آل سعدٍ بالمدينة.

وقال أحمد بإسناده عن عُبيد اللَّه بن عبد اللَّه، [عن] ابن عباس، عن سعد بن عُبادة أنه أتى رسول اللَّه فقال: إن أمي ماتت وعليها نَذرٌ، أفيُجزئ أن أُعتِق عنها؟ قال: أعتق عن أمك (٥).


(١) أنساب الأشراف ٢/ ١٦ - ١٧.
(٢) تاريخ دمشق ٧/ ١٢٦ (مخطوط)، وما قبله منه.
(٣) انظر معجم البلدان ٥/ ٢١٧، وتاريخ دمشق ٧/ ١١١.
(٤) كذا ذكر، واسم هذا الأخير سعد بن عمارة أو عمارة بن سعد، أبو سعيد الزرقي، انظر الاستيعاب (٩٤٥)، وتلقيح فهوم أهل الأثر ١٩٨، والإصابة ٤/ ٨٨.
(٥) الحديثان في المسند (٢٣٨٤٥) و (٢٣٨٤٦).