للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَدخُلها لأجل الطاعون، والخرجة الرَّابعة أَذَّن له بلالٌ حين حضرت الصلاةُ، فبكى الناس عند ذكر رسول اللَّه ، وكان أشدَّهم بكاءً عمرُ . هذا صورة ما قال.

وقال الواقدي: إن عمر خرج إلى الشام أربع مرّاتٍ: فالأولى جاء على فرسٍ، والثانية على بعيرٍ، والثالثة: على حمار، والرابعة لم يتعدَّ الجابية لاشتعال الطاعون بالشام.

وقال سيف بن عمر: قال عمر بن الخطاب: ضاعت مواريثُ الناس بالشام، وأريد أن أبدًا بها، فأقسمها على ما في نفسي، ثم أرجع فأنقلبُ في البلاد، فأتى عمر الشام أربع مراتٍ: مرتين في سنة ست عشرة، ومرَّتين في سنة سبع عشرة، ولم يدخل دمشق في المرَّتين الأوَّلتين.

وقال أبو مِخْنَفٍ، واسمُه لوط بن يحيى: توجه عمر إلى الشام في سنة ست عشرة، فلما أشرف على الغوطة ونظر إلى دمشق والقصور والبساتين قرأ: ﴿كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥)﴾ الآية [الدخان: ٢٥].

وحكى ابن سعدٍ عن الواقدي أنه قال: روى أهل الشام أن عمر دخل الشام في خلافته مرّتين، ورجع في الثالثة أو الرابعة من سرغٍ. قال: وهذا لا يُعرف عندنا، وإنما قدم عمرُ الشام عام الجابية، سنة ستّ عشرة، حين فتح البيت المقدَّس، وصالح أهله، وجاء عام سَرْغ سنة سبع عشرة، ورجع من سَرْغ لأجل الطاعون، لا يكون غير هاتين المرتين الدَّخلتين، وهم يقولون إنه دخل دمشق وحمص في المرّة الثالثة، وهذه الرحلة الثالثة لا تُعرف عندنا، سنين عمر معروفةٌ: عام الجابية سنة ست عشرة، وعام سَرْغٍ سنة سبع عشرة، ولا غير ذلك (١).

وقال سيف: وعاد عمر على أَيْلة، فلما نزلها دفع قميصَه إلى أُسقُفِّها وقال له: اغسله وارقَعْه، وكان من كرابيس قد غيَّره مرُّ السنين، فغسله ورقعه وخاط مثله قَباطيًا، وأحضرهما، فلبس عمر قميصه وردَّ عليه القباطي، وكان رجوعه إلى المدينة في صفر (٢).

وفي هذه السنة كَتَب التاريخ، وحمى عمر الرَّبَذة لخيل المسلمين، واتَّخذ دار


(١) انظر تاريخ دمشق ٥٣/ ٣ - ٤ و ٦، والطبري ٤/ ٥٦ - ٥٧ و ٦٣، والمنتظم ٤/ ١٩٣.
(٢) من قوله قبل صفحتين: ومعنى قوله فلا تقدموا عليه. . . إلى هنا ليس في (أ) و (خ).