للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه: "أنَّ اللَّيلة التي تَطْلُع الشَّمسُ من مَغْرِبها في صبيحتِها (١) ومعها القمر ثم يعادان".

ثم قال: وهذا حديث موضوع على رسول الله، وفي إسناده ضعفاء ومجهولون. وعمر بن صبح كان يضع الأحاديث وذكر غيره (٢).

قلت: والمنقول مثل هذه الألفاظ عن ابن عباس فلو وقفوه عليه كان أولى، وإنَّما رفعوه إلى رسول الله ، وحوشي منصبه الكريم عن مثله، وواضعه ما قصد به إلَّا شَيْنَ الشريعة، وإلَّا فمن أين في الدنيا مدينة يقال لها: جابرسا، لها عشرةُ آلاف باب، بين كل بابين فرسخ، وفي كلّ باب عشرة آلاف حارس، وما أشبه ذلك.

* * *

وأمّا الآثار: فروى مجاهد عن ابن عباس قال: للشمس ثلاث مئة وستّون مشرقًا ومغربًا، وكذا القمر، فذلك قوله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾ [المعارج: ٤٠] (٣) فأَمَّا قوله تعالى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقَينِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَينِ﴾ [الرحمن: ١٧] فإنما أرادَ مشرقَ كلِّ واحدٍ منهما ومغربه.

وروى الضحاك عن ابن عباس قال: لا تطلع الشمس كلَّ يوم إلّا وهي كارهةٌ تقول: يا إلهي لا تُطْلعني على عباد يَعْصُونك، حتَّى إنها لتقفُ عند الطلوع فيدفعها ثلاث مئة وستّون ملكًا حتى تطلع (٤).

وذكر الثعلبي عن ابن عبّاس قال: تطلع الشمس كلَّ سنة في ثلاث مئة وستين كوّة، لا ترجع إلى تلك الكوّة إلى ذلك اليوم من العام القابل (٥).

قلت: وفي الشمس دلائل ومنافع، فمن الدلائل:

أنها واحدة، ونورها يضيء على جميع العالم، كذلك البارئ واحد


(١) جاء بعدها في "الموضوعات": "تكون بقدر ثلاث ليال، ولا يعرف طولها سوى المتعبدين فيستغيث بعضهم إلى بعض، وإن الشمس تطلع من مغربها".
(٢) "الموضوعات" (٢٩٠).
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٢٣/ ٢٨٣ من طريق عكرمة.
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٢٣/ ٢٨٣ من طريق عكرمة أيضًا.
(٥) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٢٣/ ٢٨٣ - ٢٨٤.