وكان عمر يُصلّي الليل كلَّه، فإذا كان السَّحَرُ بكى وقال: اللهمَّ لا تجعلْ هلاكَ أمَّةِ مُحَمَّدٍ على يديّ، أو على رجلي.
وآلى عمرُ أنْ لا يذوقَ لحمًا ولا سَمنًا حتى يَحيا الناسُ، وكان يأكلُ الزيتَ فيُقَرْقِرُ جَوفُهُ فيقول: قَرْقِر، فواللَّه لا تأكلُه حتى يَأكُلَه الناسُ.
وقال الواقدي: حدثني أُسامةُ بنُ زيدٍ، عن نافعٍ مَولى الزبير قال: سمعتُ أَبا هُريرة يقول: رحم اللَّهُ ابن حَنْتَمة، لقد رأيتُه عامَ الرَّمادة وإنه ليَحملُ على ظهره جرابَيْن وعُكَّةَ سمنٍ أو زيتٍ في يده، وإنَّه ليَعْتَقِبُ هو وأَسلم، فلما رآني قال: من أين؟ قلتُ: من هاهُنا قريبًا، قال: فأخذتُ أُعقِبهُ، فحملْناه حتى انتهينا إلى صِرار، فإذا صِرْم نحوٌ من عشرين بيتًا، فقال: ما أَقدَمكم؟ قالوا: الجهدُ، وأخرجوا لنا جلدَ الميتة مشويًّا يأكلونه، ورِمَّة عظامٍ مَسحوقة يَستفّونها، فطبخ لهم عمر، وأطعمهم حتى شبعوا، وأرسل إلى المدينة، فجيء بأربعة أَبعِرةٍ، فحمل عليها ما يُصلحهم، وكساهم، وكان يَختلفُ إليهم وإلى غيرهم حتى رفع اللَّه ذلك.
قال: وقال الواقدي: وحدثني عبد اللَّه بن يزيد، عن عِياض بن خَليفة قال: رأيتُ عمر عامَ الرَّمادة وهو أسود اللون، ولقد كان أبيض اللون، أكل الزيت فتغيَّر لونُه.
وقال الواقدي عن بعض نساء عمر قالت: ما قَرُب عمر امرأةً زمان الرَّمادة حتى أحيا الناس.
قال: وقال الواقدي: نظر عمر إلى بطّيخةٍ في يد بعض أولاده، فقال عمر: بَخْ بَخْ يَا ابن أمير المؤمنين، تأكلُ الفاكهة وأُمَّة محمدٍ هَزْلى؟ فخرج الصبيُّ هاربًا، فقالت أُمُّه: اشتراها بكفٍّ من نَوى.
وقال الواقدي: حدثني عبد اللَّه بن عمر، عن نافعٍ، عن ابن عمر قال: كتب عمر إلى عمرو بن العاص عام الرمادة: من عبد اللَّه أمير المؤمنين إلى العاصي بن العاصي، أما بعد أفتُراني هالكًا ومَن قِبَلي وتعيشُ أَنْتَ ومَن قِبَلك؟ واغَوْثاه، قالها ثلاثًا (١).
وكتب إلى أُمراء الأجناد والشام والعراق كذلك، فجاءته الأمدادُ والمِيرةُ من بعد،