وكُنيتُه أبو عمرو، وقيل: أبو عبد اللَّه، وقيل: أبو عُثمان.
وهو من الطبقةِ الأُولى من الأنصارِ، شهد العقبةَ مع السَّبعين، وبَدْرًا وأُحدًا، وسالت عينُه يومئذٍ على خدِّه من سَهْمٍ أصابه.
قال الهيثم بن عدي: فأتى رسولَ اللَّه ﷺ وعينُه في يده، فقال: ما هذا يا قتادةُ؟ قال: هو ما ترى، فقال:"إن شِئْتَ صَبَرْتَ ولك الجنَّةُ، وإن شِئْتَ رَدَدْتُها، ودعوتُ اللَّه لك فلم تَفتقِدْ منها شيئًا"، فقال: يا رسولَ اللَّه، واللَّه إنَّ الجنَّةَ لجزاءٌ جَزيلٌ، وعطاءٌ جَليلٌ، ولكني رجلٌ مُبْتلًى بحبِّ النساء، وأخافُ أن يَقُلْنَ أعور، فلا يُرِدْنَني، ولكن تَردُّها، وتسألُ اللَّه لي الجنَّة، فأخذها رسولُ اللَّه ﷺ بيدِه، وأعادها إلى مكانِها، فكانت أحسنَ عينَيْه إلى أن مات، ودعا له بالجنَّةِ.
قال الهيثم: دخل ابنُ قتادة على عمر بن عبد العزيز فقال: مَن أنت يا فتى؟ فقال:[من الطويل]
أنا ابنُ الذي سالتْ على الخدِّ عَيْنُه … فرُدَّت بكَفِّ المصطفى أحسنَ الردِّ
فعادتْ كما كانت كأحسنِ حالِها … فيا حُسْنَ ما عَيْنٍ ويا طيبَ مايدِ
فقال عمر: بمثلِ هذا فليتوسَّل إلينا المتوسِّلون، ثم قال:[من البسيط]
تلك المكارمُ لا قَعْبان من لَبَنٍ … شِيبا بماءٍ فعادا بعدُ أَبْوالا
وشهد قتادةُ المشاهدَ كلّها مع رسولِ اللَّه ﷺ، وكانت رايةُ بني ظَفَرٍ بيدِه يوم الفتح.
وقيل: إنه تُوفي سنة ثلاثٍ وعشرين، وهو ابن خمسٍ وستين سنةً، قال الواقدي: وصلّى عليه عمر بن الخطاب، ونزل في قبرهِ أخوه لأُمِّه أبو سعيدٍ الخُدري، ومحمد بن مَسلمة، والحارث بنُ خَزْمة (١).
أسند قتادة الحديث عن رسول اللَّه ﷺ.
(١) في (ك) بعد هذا: وذهبت عيناه قبل موته؟! ولم أجد من ذكر ذلك، انظر طبقات ابن سعد ٣/ ٤١٤، والاستيعاب (٢١٣٤)، والمنتظم ٤/ ٣٣٣، والاستبصار ٢٥٤، وصفة الصفوة ١/ ٤٦٣، والإصابة ٣/ ٢٢٥، وتهذيب الكمال (٥٤٤٠)، والسير ٢/ ٣٣١، وتاريخ دمشق ٥٨/ ٤٥٠ والمصادر في حاشيتهما.