للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فلما قُبض خرجنا نَمشي به، فجاء عبد اللَّه إلى عائشة فقال: يَستأذن عمر، فقالت: أَدخلوه، فأُدخل فوُضع هناك مع صاحبَيْه (١).

والذي طرح على أبي لؤلؤة البُرنس عَبد اللَّه بن عوف.

وكان عمر رضوان اللَّه عليه لا يَأَذَنُ لسَبْيٍ قد احتَلم في دُخول المدينة، حتى كتب إليه المغيرة بن شعبة -وهو على الكوفة- يَذكر له غُلامًا صَنَعًا، ويَستأذِنُه أن يُدخله المدينة، ويقول: إن عنده أعمالًا كثيرة فيها منافِعُ للناس، إنه حَدّاد نقَّاشٌ نَجّار، فكتب إليه عمر رضوان اللَّه عليه، وأذِن له أن يُرسل به إلى المدينة، فضَرب عليه المغيرة في كلِّ شهر مئةَ درهم، فجاء إلى عمر رضوان اللَّه عليه يَشتكي شِدَّةَ الخراج، فقال له: وما تُحسِنُ من العمل؟ فقال له الأعمال التي يُحسِن، فقال له: ما خَراجُك بكثير في كُنْه عَملك. فانصرف ساخطًا يَتَذمَّر.

فمكث عمر رضوان اللَّه عليه ليالي، وبلغه عن العبد كلامٌ، فمرَّ به، فدعاه عمر رضوان اللَّه عليه فقال: ألم أُحَدَّث أنك تقول: لو أشاءُ لصنعتُ رحًى تَطحنُ بالرِّيح، فالتفتَ العبدُ ساخِطًا عابِسًا إلى عمر رضوان اللَّه عليه، ومعه رَهْطٌ، فقال: لأَصْنَعَنَّ لك رحًى يَتحدَّث الناس بها، فلما وَلَّى العبد أقبل عمر رضوان اللَّه عليه على الرَّهط الذين معه وقال لهم: أَوعَدَني العبدُ آنفًا.

قال ابن عباس : فلم أزل عند عمر، ولم يزل في غَشيةٍ واحدة حتى أفاق فقال: أصُلّي بالناس، قلت: نعم، فدعا بوضوء، وقال: لا إسلام لمن ترك الصلاة، ثم توضأ وصلّى.

وروى سالم، أنَّه سمع عبد اللَّه بنَ عمر يقول: قال عمر: أرسلوا إلى طبيبٍ ينظرُ إلى جُرحي هذا، فأرسلوا إلى طبيبٍ من العربِ، فسقاه نبيذًا، فشبه النبيذُ بالدمِ حين خرَجَ من الطَّعنةِ التي تحت السُّرَّةِ، قال: فدعوتُ طبيبًا آخَرَ من الأنصار من بني مُعاوية، فسقاه لَبنًا، فخرج من الطَّعنةِ يَصْلِدُ أبيض، فقال له الطبيب: يا أميرَ المؤمنين، اعهَدْ، فقال عمر: صَدَقني أخو بني مُعاوية، قال: فبكى القومُ عليه حين سمعوا


(١) صحيح البخاري (٣٧٠٠).