للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن أبي وَقّاص، أقدَمَه المدينة للمِلْح الذي بينه وبينه، وكان يُعلّم الكتابة بالمدينة، قال عبيد اللَّه: فلما عَلوتُه بالسيف صَلَّب بين عَينيه.

ثم انطلق عُبيد اللَّه فقتل ابنةً صغيرةً لأبي لُؤلؤة، تَدَّعي الإسلام، وأراد عبيد اللَّه أن لا يَترك سَبْيًا بالمدينة يومئذٍ إلا قَتَله، فاجتمع عليه المهاجرون الأَوّلون فنَهَوْه وتوعَّدوه، فقال: واللَّه لأَقتُلَنَّهم وغيرَهم، وعَرَّض ببعض المهاجرين.

فلم يزل عمرو بن العاص به حتى دفع إليه السيف، فلما دفع إليه السيف أتاه سعد ابن أبي وقاص، فأخذ كلُّ واحدٍ منهما برأسِ صاحبه، فتناصَيا حتى حُجز بينهما، ثم أقبل عثمان بن عفان رضوان اللَّه عليه قبل أن يُبايع له في تلك الليالي، حتى واقع عبيدَ اللَّه فتناصيا، وأظلمت الأرضُ يوم قَتل عُبيد اللَّه الهرمزان وجُفَينة وابنةَ أبي لؤلؤة على الناس، ثم حُجز بينه وبين عثمان رضوان اللَّه عليه.

فلما استُخلف كان أوَّل ما قضى فيه أن أحضر عبيد اللَّه، واستشار الصحابةَ فيه، فقال علي رضوان اللَّه عليه: اقتُلْه، فإن اجتماع الهرمزان بجُفينة وأبي لُؤلؤة لا يُوجب قتلَهما؛ لأن السَّبْيَ يأوي بعضُهم إلى بعض، وقال بعض المهاجرين: قُتل عمر بالأمس، ويُقتل ابنه اليوم!؟ أبعد اللَّه جُفينة والهرمزان، وقال عمرو بن العاص: إن اللَّه قد أعفاك من هذا، إن هذا الأمرَ وَقع وليس لك على المسلمين سُلطان، فقال عثمان رضوان اللَّه عليه: أنا وَليُّهم، وقد جعلتُ ديتهم في مالي.

وقال في ذلك [محمود بن] لَبيد: ما كان عُبيد اللَّه يومئذ إلا كهيئةِ السَّبُعِ الحَرِب، جعل يَعترض العَجمَ بالسيف حتى جلس يومئذ في السّجن، فكنتُ أحسِب لو أن عثمان وَلي سيقتُله؛ لما كنتُ أراه صَنع به، [كان هو] وسعد أشدَّ أصحاب رسول اللَّه عليه (١).

وقال زياد بن لَبيد الأنصاري البياضي: [من الطويل]

ألا يا عُبيدَ اللَّه مالك مَهرَبٌ … ولا مَلجأٌ من ابن أرْوى ولا خَفَرْ

أصبتَ دمًا واللَّه في غير حِلِّهِ … حَرامًا وقتلُ الهُرمُزانِ له خَطَرْ


(١) طبقات ابن سعد ٣/ ٣٢٩ - ٣٣١.