للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عيناهُ وهو غُلامٌ، وقَدِمَ المدينةَ مُهاجِرًا بعد بَدْرٍ بيسيرٍ، فنزل دار القُرَّاء، وهي دار مَخْرَمةَ بنِ نوفل.

وروى عن الشعبي قال: غزا رسولُ اللَّه ثلاثَ عشرة غزوةً، ما منها غَزوةٌ إلّا استخلف ابنَ أُمِّ مكتوم على المدينةِ، فكان يُصَلِّي بهم وهو أعمى. وكان يُؤذِّن مع بلالٍ بالمدينة.

وقال ابن سعدٍ بإسناده عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر أن رسول اللَّه قال: "إن بلالًا يُنادي بليلٍ، فكلوا واشربوا حتى يُنادي ابنُ أُمِّ مَكتوم".

قال: وكان ابن أُمِّ مكتومٍ رجُلًا أعمى لا يُنادي حتى يُقال له: أصبَحْتَ أصبَحْتَ.

وقال ابن سعدٍ بإسناده عن عبدِ اللَّه بن جابر الأنصاري قال (١): جاء ابنُ أُمّ مكتوم إلى النبي فقال: يا رسول اللَّه، إن مَنزلي شاسِعٌ، وأنا مَكفوف البصرِ، وأنا أسمعُ الأذان، قال: "فإن سمعتَ الأذانَ فأجِبْ ولو زَحْفًا" أو قال: "ولو حَبْوًا".

وفي روايةٍ: تَشكّى ابنُ أُمِّ مكتوم قائدَه إلى رسولِ اللَّه وقال: بيني وبين المسجدِ شجر، قال: "تَسْمَعُ الأذان؟ " قال: نعم، فلم يُرَخص له.

وقال ابن سعدٍ بإسناده عن الضحاكِ في قوله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢)[عبس: ١ - ٢] قال: كان رسولُ اللَّه تصدَّى لرجلٍ من قريشٍ يَدعوه إلى الإسلام، فأقبل عبد اللَّه بنُ أُمِّ مكتوم، فجعل يسألُ رسول اللَّه ، ورسولُ اللَّه يُعْرِضُ عنه وَيعبسُ في وَجهه، ويُقبِل على الآخر، وكُلَّما سأله عَبس في وَجهه وأعرضَ عنه، فعيَّر اللَّه رسولَه، وأنزل السورة إلى قوله: ﴿فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (١٠)[عبس: ١٠]. فلما (٢) نزلت هذه الآيةُ دعاه رسولُ اللَّه فأكرمه، واستَخْلَفه على المدينة مرَّتين.

وقال الواقدي: كان رسولُ اللَّه يَستخلفُه على المدينةِ، وكان يَجمعُ بهم، ويَخطبُ إلى جَنْبِ المنبرِ، يَجعلُ المِنبرَ عن يساره.


(١) من قوله: وقال ابن سعد بإسناده عن سالم. . . إلى هنا ليس في (خ) و (ع). والأخبار السالفة في الطبقات ٤/ ١٩١ - ١٩٤.
(٢) من قوله: وفي رواية تشكى. . . إلى هنا ليس في (خ) و (ع). والأخبار في الطبقات ٤/ ١٩٤.