للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَقدم بها إذا شئتَ، وتَخرجُ بها إذا شئتَ، فهي تَسكُنُ بسُكْناك.

وأما مالُك بالطائف؛ فبينك وبين الطائفِ ثلاثُ ليالٍ، فلستَ من أهلِ الطائف.

ثم خرج عبد الرحمن فلَقي ابنَ مسعودٍ، فعرَّفه ما قال عثمان فقال: الصلاة ركعتان واتفقت الصحابةُ على ذلك (١).

وقال الهيثم: اعتذر عثمانُ بكثرةِ الخَلْقِ، وأن فيهم الأعجميَّ الذي لا يفهم، فخاف أن يعتقدوا أن صلاةَ الظهرِ ركعتان. فلم يقبلوا عُذْرَه وقالوا: خالَفتَ رسول اللَّه والخليفتين.

وأخرج أحمد في "المسند" بمعناه، بإسناده إلى محمد، عن القاسم بن عوف الشيباني (٢)، عن رجلٍ قال: كُنّا قد حَملْنا لأبي ذَرٍّ شيئًا نُريدُ أن نُعطيَه إيّاه، فأتينا الرَّبَذةَ، فسألنا عنه فلم نَجِدْه، وقيل: استأذن في الحجِّ فأُذِنَ له، فأتيناه وهو في مِنًى بمكانٍ يُقال له: البلدة، فبينما نحنُ عنده إذ قيل: صلّى عثمان أربعًا، فاشتدّ ذلك على أبي ذَرٍّ وقال: صلَّيْتُ مع رسول اللَّه وأبي بكرٍ وعمر ركعتين، ثم قام أبو ذَرٍّ فصلّى أربعًا، فقيل له: عِبتَ على أمير المؤمنين شيئًا ثم صَنعْتَه؟! فقال: الخلافُ أشدُّ، إن رسول اللَّه خطبنا فقال: "إنَّه سيكون بعدي سُلطانٌ فلا تُذِلُّوه، فمَن أذلَّه فقد خلع رِبْقَةَ الإسلام من عُنُقِه، وليس بمقبولٍ منه [توبةٌ] حتى يَسُدَّ ثُلْمتَه التي ثَلَم، وليس بفاعلٍ، ثمَّ يعود فيكون فيمن يُعِزُّه".

ثم أمرنا رسولُ اللَّه أن لا يَغلبونا على ثلاثٍ: أن نَأمُرَ بالمعروفِ، ونَنهى عن المنكرِ، ونُعلِّمَ الناسَ السُّنَنُ.

وهذا الحديث يدلُّ على أنَّ أبا ذَرّ إنَّما قال ذلك بعدما نفاه عثمان إلى الرَّبَذَةِ.


(١) انظر تاريخ الطبري ٤/ ٢٦٧ - ٢٦٨.
(٢) في (ك): بإسناده إلى محمد بن القاسم بن عوف الشيباني، وهذا الخبر ليس في (خ) و (ع)، والمثبت من مسند أحمد (٢١٤٦٠).