مسألة المباهلة، فجمع لها عمر رضوان الله عليه الصّحابة ﵃، ثم قال: أشيروا عليَّ فيها، فقال العبّاس ﵁: أرى أن يُقسم المالُ بينهم على قَدْر فُروضِهم، وتابعه مَن حضر، وعمل عمر ﵁ بقوله.
وكُفَّ بَصرُه قبل مَوته بخمسِ سنين، وكان قد خَضَب وترك، وكان يقول: اللَّهمَّ اسبق بي أمرًا ما أحبُّ أن أُدرِكَه، يُشير إلى فتنة عثمان رضوان الله عليه.
وتوفّي العباس رضوان الله عليه يوم الجمعة لأربع عشرة ليلة خلت من رجب، سنة اثنتين وثلاثين، في خلافة عثمان رضوان الله عليه، وهو ابنُ ثمان وثمانين سنة، ودُفن بالبقيع في مَقبرة بني هاشم، وقيل: كانت وفاتُه في رمضان سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: سنةَ تسعٍ وعشرين، أو أربع وعشرين، والأوّلُ أصحُّ.
ولما توفيَّ بعث بنو هاشم إلى أهل العَوالي مُؤذّنًا يؤذنهم ويقول: رحم الله مَن شهد العباس، فحشد النَّاس، ونزلوا من العَوالي، فلما أُتي به إلى موضع الجنائز تضايق، فتقدَّموا به إلى البقيع؛ فلم يَقدر أحدٌ يَدنو منه ومن سريره لكثرة الزِّحام، وبعث عثمان رضوان الله عليه الشُّرَط يَضربون النَّاس، وعلى سريره بُرْدُ حِبَرَة قد تَقطّع من الزِّحام.
ولما مات أرسل عثمان رضوان الله عليه يقول: إن رأيتُم أن أَحضُرَ غَسلَه فعلتُ، فأذِنُوا له، فجاء فجلس ناحيةَ البيت، وغَسله علي وعبد الله وعبيد الله وقُثَم بنو العباس ﵁، وحَدَّتْ نساءُ بني هاشم عليه سنة، وصلّى عليه عثمان رضوان الله عليه بالبقيع، ودُفن بالبقيع في مَقبرة بني هاشم، واجتمع في جنازته خَلْقٌ لم يجتمع لغيره، ونزل في قبره عليّ وابناه الحسن والحسين، وعبد الله وعبيد الله وقُثَم بنو العباس ﵃، وقيل: إن عثمان رضوان الله عليه نزل في قبره، وقيل: جلس على شَفير قبره ﵁.
ذكر أولاده: كان له عشرةٌ من الذُّكور، وخمس من البنات، فالذكور: الفضل، وعبد الله، وعُبيد الله، ومَعبد، وقُثَم، وعبد الرحمن، وتَمّام، وعَون، وكَثير، والحارث، والإناث: أمُّ حَبيب، ويقال: إنَّها أمُّ حبيبة، وصفيَّة، وأُميمة، وأمّ كلثوم، وآمِنة.
فأمَّا الفضلُ فكان أكبرَ وَلَده، وبه كان يُكنى، ومات بطاعون عَمَواس، ولم يُعقِب.
وأمَّا عبد الله فهو الحَبْر أبو الخُلَفاء، توفي سنة ثمان وستين.