للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه عائشة تأمُره أن يُنْصِفَهم، ودخل عليّ فنهاه وقال له: اعزِله عنهم، وأقده منهم، فقال: اختاروا رجلًا أَوَلّيه، فأشار الناس عليه بمحمد بن أبي بكر، فكتب له عَهده، وبعث معهم جماعةً من المهاجرين والأنصار يَنظرون فيما بينهم وبين ابن أبي سرح.

ومن الأحداث المتجدّدة أنَّه قَدمت إبلُ الصَّدقة؛ نحو ثلاث مئة، فطلبها منه عمُّه الحكم فأعطاه إياها.

وقَدم عليه بثلاث مئة ألف درهم من صدقات قُضاعة، فطلبها الحكمُ فأعطاه إياها.

وحمى نَقيع الخَضمات لخيله، فأنكر عليه المسلمون.

وبعث إليه أبو موسى من البصرة بألفِ درهم ففرّقها في أهله وأقربائه.

وأقطع مروان فَدَكًا، وكانت صدقةَ رسول الله .

وكان في بيت المال سَفَطٌ فيه جَوهر وحُلي، فأخذ منه مروان ما حلّى به نساءه، فأنكر عليه المسلمون، فقام عثمان رضوان الله عليه على المنبر وقال: لَنأخُذَنَّ حاجتَنا من هذا المال وإن رَغمتْ أُنوف، فناداه علي رضوان الله عليه: إذا يُحال بينك وبين بيت مال المسلمين، وقال عمار: أشهد بالله أن أنفي أول راغم، فقال له عثمان: أعليَّ تَجترئ؟ وضربه، فقام هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي، وكان عمار حليفًا لهم، فقال: يا عثمان، أمّا علي بن أبي طالب فاتقيتَه وبني أبيه، وأمَّا نحن فاجتَرأتَ علينا، وضربتَ أخانا أبا يَحْيَى حتَّى أشفيتَ به على التَّلف، أما والله لئن مات لأقتلنَّ به رجلًا قَبيح السِّيرة من بني أميَّة، فقال له عثمان رضوان الله عليه: وإنك ها هنا يا ابن القَسْرِيّة، فقال: يا عثمان، فإنهما قَسْرِيّتان.

قوله هشام: هما قَسْرِيّتان، يشير إلى أم عثمان وجدَّته، فإنهما كانتا قَسْرِيّتَين من بَجيلة.

وغضبت أم سلمة وعائشة لذلك، واجتمع أعيانُ الصّحابة، منهم طلحة والزبير وغيرهما، فكتبوا كتابًا، وعدَّدوا فيه أحداث عثمان، وأعلموه أنهم مُواثِبوه إن لم يُقلع عما هو عليه (١).

وعثمان رضوان الله عليه أولُ خليفةٍ نُخل له الدقيق بمناخل الشّعر، ووُضع بين يديه


(١) أنساب الأشراف للبلاذري ٢/ ٢٧٥.