للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كحُرمةِ الكعبةِ في الأرضِ، فهو مَعمورٌ بكثرةِ الغاشِيَة والأهلِ والعبادةِ، يُصلِّي فيه كلَّ يومٍ سبعونَ ألف مَلَكٍ، لا يعودونَ فيه، وخادِمُه يُقال له: رَزين (١).

وروي عن ابن عباس أنّه كان من الجنَّة، فلمّا أُهبط آدم إلى الأرض حمل إليه ليستأنس به ثم رفع في أيّام الطوفان.

القول الثاني: أنه في السماء السادسة عند شجرة طُوبى. وروي عن عليٍّ (٢).

والثالث: أنه في السماء السابعة، قاله مجاهد والضحاك (٣). وقد روى البخاري في حديث المعراج عن النبي أنه قال: "ورَأيتُ البَيتَ المَعْمُور في السَّماءِ السابعةِ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون فيه (٤) ".

قلت: ولا تنافي بين هذه الأقوال، لأنه يحتمل أن الله تعالى رفعه ليلة المعراج إلى السماء السادسة عند سدرة المنتهى ثم إلى السماء السابعة تعظيمًا للنبي حتى يراه في أماكن، ثم أعاده إلى السماء الدنيا.

وذكر الثعلبي عن الحسن البصري أنه قال: ﴿وَالْبَيتِ الْمَعْمُورِ (٤)﴾ أنه الكعبة الحرام يعمره الله كلّ سنة بالناس، وهو أوَّل بيت عُمِّر للعبادة. والقول الأوَّل أظهر لما روينا عن عائشة ، ولأنَّ الكعبة تعمر بالنَّاس في السنة مرة، والبيت المعمور يعمر كلَّ يوم بالملائكة.

* * *


(١) أخرجه الأزرقي في تاريخ مكة ١/ ٤٩ من طريق كريب، عن ابن عباس.
(٢) انظر "عمدة القاري" ٤/ ٤٤.
(٣) انظر "عمدة القاري" ٤/ ٤٤.
(٤) أخرجه البخاري (٣٢٠٧)، ومسلم (١٦٤) من حديث مالك بن صعصعة.