يُفارقهم، فأخذوه ففتَّشوه، وإذا معه كتابٌ إلى ابن أبي سرح بقتلِهم، فرجعوا إلى المدينة، فدخلوا على علي وطلحة والزبير والصحابة، فأوقفوهم على الكتاب وقالوا: قد أباح الله دمه، ثم أتوا إلى داره فحصروه، وخرج علي إلى ظاهر المدينة فأقام بقرية.
وحكى الطبري عن عمرو بن حماد بن طلحة القَنَّاد، وعلي بن الحصين، بإسنادهما إلى عبد الرحمن بن يسار قال: لما رأى الناسُ ما صنع عثمان، كتب مَن بالمدينة من الصحابة إلى مَن بالآفاق منهم، وكانوا قد تفرّقوا في البعوث: إنكم إنما خرجتم لتجاهدوا في سبيل الله، تنصرون دينَ محمد ﷺ، ودينُ محمد قد أُفسِدَ خلفَكم، فهلمُّوا فأقيموا دينَ محمد، فأقبلوا من كل أُفق إلى عثمان.
وكتب عثمان إلى ابن أبي سَرْح عاملِه على مصر -حين تراجع الناس، وزعم عثمان أنه تائب، وكان أهل مصر أشدَّ الناس عليه، فكان في كتابه: انظر فلانًا وفلانًا إذا قدموا عليك فاضرب أعناقَهم، وعاقب فُلانًا بكذا وكذا، وفلانًا بكذا وكذا، منهم نفر من أصحاب رسول الله ﷺ، ونفرٌ من التابعين، وكان رسوله في ذلك أبو الأعور السُّلَمي، حمله عثمان على جَمل له، وأمره أن يَسبق القوم إلى مصر، فلحقهم أبو الأعور ببعض الطريق، فقالوا: إلى أين فقال: إلى مصر، ففتَّشوه فوجدوا الكتابَ المذكور، فعادوا إلى المدينة فقتلوه.
وحكى الطبري عن ابن الكلبي أنهم قالوا لعثمان: هذا غُلامك على جملك قال: انطلق بغير أمري، وأخذ الجملَ بغير علمي، قالوا: فنقش خاتمك؟ قال: نُقِش عليه (١).
وقال الواقدي: لما قال عثمان ما علمتُ بالكتاب قالوا: لا يخلو، إما أن تكون كاذبًا أو صادقًا، فإن كنتَ كاذبًا فقد استحققْتَ الخلع لما أمرتَ به من سفك دمائنا، وإن كنتَ صادقًا فقد وجب خلعُك لضعفك وغَفْلتك وخُبث بِطانتك، وإنه لا يجوز تركُ هذا الأمر مع مَن يكون بهذه الصفة، ثم إنك أحدثتَ أحداثًا عظيمة، فاستحققتَ بها الخلع، فإذا كُلِّمتَ فيها أعطيتَ التوبة ثم نكَثْتَ، فقال: فأنا تائبٌ، فقالوا: لا نَقبل