للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَهْفي على أمرٍ لم أُدركْه- فقال لعُمارة: ارجع، فإن القوم لا يُريدون بأميرهم بديلًا، فإن أبيتَ ضربتُ عُنُقَك، فرجع عُمارة إلى المدينة.

قلت: وقولُ الطبري: لَقيَه طُليحة بن خُويلد وَهم، فإن طُليحة بن خويلد استشهد بنَهاوَنْد في سنة إحدى وعشرين، في أيام عمر بن الخطاب من غير خلاف.

ولما حكى جدّي في "المنتظم" (١) قصةَ عُمارة قال: ولما وصل إلى زُبالة رُدّ، ولم يذكر سوى هذه اللفظة، ولم يحْكِ ما حكاه الطبري عن طليحة بن خويلد.

وأما عُبيد الله بن عباس فإنه لما وصل إلى اليمن، جمع يَعلى بن أُميَّة ما كان بها من مال، وسار على حامية، حتى نزل مكة، وهذا يَعلي بن أُمَيّة؛ أميةُ أبوه، وأمه مُنْيَة بنون، وهي بنت غزوان، وأخت عُتبة بن غزوان، وسنذكره فيما بعد.

قالوا: ولما رجع سهل بن حُنَيف من الشام دعا عليّ طلحةَ والزبير، وقال لهما: إن الفتنة قد وقعت، والذي كنا نَحذره من معاوية قد كان، وإن الفتنة تُسعّر، كالنار تزداد بالوَقود، فماذا تريان؟ قالا: ائذن لنا في الخروج من المدينة، فإما أن نُكاثر وإما أن تَدَعنا، فقال: سأمسك الأمرَ ما استمسك، فإذا لم أجد بُدًّا فآخر الدَّاء الكيّ.

وحكى جدي في "المنتظم" القصة وقال: آخر الدواء الكي (٢).

وكتب علي إلى أبي موسى الأشعري أن يَأخذ البيعةَ على أهل الكوفة، وبعث بكتابه مع مَعْبد الأسلمي، فكتب إليه ببيعة أهل الكوفة، وبَيَّن الراضي منهم والكاره، حتى كان علي على الواضحة من أهل الكوفة (٣).

ثم كتب أمير المؤمنين إلى معاوية، قال علماء السير ممّن سمَّينا: كتب مع الجُهَنيّ كتابًا يَدعو فيه معاوية إلى الطاعة، ويَتواعده على المخالفة، فقدم عليه، فدفع الكتاب إليه، فلما قرأه تَمثَّل وقال: [من البسيط]

أدِمْ إدامةَ حصنٍ أو خُذًا بيدي … حَرْبًا ضروسًا تَشُبُّ الجَزْلَ والضَّرَما


(١) ٥/ ٧٦.
(٢) المنتظم ٥/ ٧٦.
(٣) في الطبري ٤/ ٤٤٣: حتى كأن عليًّا على المواجهة من أمر أهل الكوفة.