للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُكرَهين، فأنا مُقاتلٌ من خالفني بمَن اتَّبعني، حتى يَحكمَ الله بيني وبينهم وهو خير الحاكمين (١).

كذا وقعت هذه الرواية؛ أن مُعاتبةَ الحسن لأمير المؤمنين كانت بذي قار، وفي تلك الرواية بالرَّبَذَة، ويُحتمل أن الواقعتين كانتا في المكانَين. انتهى كلامُ الطبري في الحَوْأب.

وقد أخرج حديث الحَوْأب أحمد في "المسند" فقال: حدثنا يحيى، عن إسماعيل، عن قيس قال (٢): لما أقبلت عائشةُ تُريد البصرة بلغت مياه بني عامر ليلًا، فنَبحت الكلاب، فقالت: أيُّ ماءٍ هذا؟ قالوا: الحَوْأب، قالت: ما أظنني إلا راجعة، فقال بعضُ من كان معها: بل تَقدَمين، فيراكِ المسلمون، فيُصلح الله بك ذات البَين، قالت: فإن رسول الله قال لي ذات يوم: "كيف بإحداكُنّ إذا نَبحتْها كلابُ الحَوْأب؟ ".

وقال هشام بن الكلبي: لما قيل لعائشة: هذا ماء الحوأب خافت، وذكرت قولَ النبي : "كيف بك إذا نبحتْك كلابُ الحوأب؟ " وقالت: ردّوني، لا حاجةَ لي في المسير.

وفي رواية فقالت: وإني لَهيَهْ، وقد كانت سمعت النبي يقول لنسائه وهنّ عنده: "أيّتكن تَنبَحُها كلابُ الحوأب؟ ".

فلما أصرّت على الرجوع أحضر طلحة والزبير خمسين رجلًا، فشهدوا أن هذا ليس بماء الحوأب، وأن العُرَنيَّ كذب، قال الشعبي: فهي أوَّلُ شهادة زُورٍ أُقيمت في الإسلام.

ولا خلافَ أن ماء الحوأب لبني عامر بين البصرة والحجاز، وأن عائشة مرَّت به.


(١) تاريخ الطبري ٤/ ٤٥٦ - ٤٥٨.
(٢) في (خ): حدثنا يحيى بن إسماعيل بإسناده عن أبي سهلة. اهـ. وهذا الإسناد للحديث الذي قبل هذا في مسند أحمد (٢٤٢٥٣) ونصه: حدثنا يحيى، عن إسماعيل قال: حدثنا قيس، عن أبي سهلة (وهو مولى عثمان بن عفان)، عن عائشة قالت: قال رسول الله : ادعوا لي بعض أصحابي قلت: أبو بكر؟ قال: لا. قلت: عمر؟ قال: لا قلت: ابن عمك علي؟ قال: لا قلت: عثمان؟ قال: نعم فلما جاء قال: تنحَّي فجعل يُسارُّه ولون عثمان يتغير، فلما كان يوم الدار وحُصر فيها قلنا: يا أمير المؤمنين، ألا تقاتل؟ قال: لا، إن رسول الله عهد إليّ عهدًا، وإني صابر نفسي عليه. اهـ. وأما الحديث المثبت فهو في المسند برقم (٢٤٣٥٤).