للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحَسَناتِ على يمينِ الرجلِ، وكاتبُ السَّيئاتِ عن يسارهِ، وكاتبُ الحَسَناتِ أميرٌ على كاتبِ السَّيئاتِ موكَّلٌ به، فإذا عَمِل الرجلُ حَسَنةً كَتَبها صاحبُ اليمينِ عَشْرًا، وإذا عَمِل سَيِّئةً قال لصاحبِ الشِّمَالِ: دَعْه سبعَ ساعاتٍ لعلَّه يستغفرُ، فيُمسِكُ عنه، فإن استغفَرَ منها لم تُكتبْ، وإن لم يَستغفرْ كُتبَتْ عليه سيئةً واحدةً" (١).

وقال الثعلبي باسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليّ بن الحسين بن علي، عن أبيه عليّ أنه قال: قال رسول الله : "مَقعَدُ مَلَكَيكَ منك على ثَنيَّتيك، وقَلمُهُما لسانُكَ، ومِدادُهُما ريقُكَ، وأنتَ تجرِي فيما لا يَعنِيكَ، لا تَستَحيي لا من اللهِ ولا من الملكينِ" (٢).

وعن ابن عباس قال: مقعدهما على الكتفين. وقال الحسن: تحت الشعر الذي على الحنك. والأول أصحّ ولأنه أقرب إلى إحصاء اللفظ.

واختلفوا فيما يكتبان، فقال مجاهد: لا يكتبان إلا ما يؤجر عليه. وقال عطاء: يكتبان كل شيء حتى أنينه في مرضه، ولهذا كان طاوس اليماني يكره الأنين في مرضه.

وقال أبو إسحاق الثعلبي بإسناده عن الحسن البصري، عن أبي هريرة وأنس قالا: قال رسول الله : "ما من حافظين يرفعان إلى الله ما حفظا فيرى في أوَّل الصحيفة خيرًا وفي آخرها خيرًا إلَّا قال الله لملائكته: اشهدوا أني قد غفرت لعبدي ما بين طرفي الصحيفة" (٣).

وقال الثعلبي أيضًا بإسناده عن أنس عن النبي أنه قال: "إذا مَاتَ العبدُ قال الملكانِ الموكَّلانِ به: يا ربِّ، ماتَ فلانٌ، وهو أعلم، أفَتأذنُ لنا أن نَصْعَدَ إلى السَّماءِ؟ فيقول الله: سمائي مملوءَةٌ من ملائكتي يسبِّحُونَني ويحمدُونَنِي، فيقولان: أفنُقيم في الأرضِ؟ فيقول: إنَّ أرضي مملوءَة من خليقتي يسبِّحونني، فيقولان: فماذا نَصنَع؟ وأين نكونُ؟ فيقولُ: قُوما على قبرِ عبدي فكبِّراني وهَلِّلاني، واكتُبا ذلك لعبدي


(١) أخرجه الطبراني في "الكبير" (٧٧٨٧)، (٧٩٧١).
(٢) أخرجه الثعلبي في تفسيره ٥/ ٥٤٨ من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي ، به.
(٣) أخرجه الترمذي (٩٨١)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (٢٨) من حديث أنس . وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح.