للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فأقام فيهم ما شاء الله، ثم كتب إليه عمر أن اقْدُم، فلما بلغ عمر قدومُه كمَن له على الطريق في مكان لا يراه، فلما رآه على الحال التي خرج عليها من عنده أتاه فالتزمه وقال: أنت أخي وأنا أخوك.

وفي رواية ابن سعد عن عكرمة: أنه كان سادِلًا رجلَيه من جانب، قال: وهو ركوب الأنبياء (١).

وقد روى أبو بكر الخطيب القصة، وقال فيها: إن أهل المدائن لَقَوه على بَغلٍ عليه إكاف، وهو مُعترض عليه رجلاه من جانبٍ واحد، فلم يَعرفوه فأجازوه، فلَقيهم الناس فقالوا: أين الأمير؟ قالوا: هو الذي لَقيتُم، قالوا: فركضوا في أثره، وفي يده رغيف وفي الأخرى عرق وهو يأكل، وذكره (٢).

وقال ابن سعد بإسناده عن حماد، عن مجاهد: أن حذيفة بن اليمان مَرَّ بدِهقان وهو مُتوجِّهٌ إلى المدائن، فأضافه، وجاءه بماء في إناء من فضّة، فأخذ حُذيفة الإناء فضرب به في وَجه الدِّهقان، وقال: سمعتُ رسول الله يقول: "لا تشربوا في آنية الذَّهب والفضَّة، ولا تأكلوا فيها، ولا تَلبَسوا الحريرَ والديباج، فإنه للمشركين في الدنيا، وهو لكم في الآخرة" (٣).

ذكر نبذة من كلامه:

قال أبو نعيم بإسناده عن عمارة بن عبد، عن حُذيفة قال: إياكم ومواقف الفِتن، قيل: وما مواقف الفِتن؟ قال: أبوابُ الأُمراء، يَدخل أحدكم إلى الأمير فيُصدّقه بالكذب، ويَقول ما ليس فيه.

وروى ابن أبي الدنيا بإسناده، عن أم سلمة قالت: قال حُذيفة: وَدِدتُ أني أُغلق عليَّ بابًا، فلا يَدخل عليَّ أحدٌ حتى ألحق بالله ﷿ (٤).

وهذه أمُّ سلمة ليست زَوجةَ رسول الله ، وإنما هي أمُّ موسى بن عبد الله.


(١) الخبران في طبقات ابن سعد ٤/ ٢٥٣ - ٢٥٤.
(٢) تاريخ بغداد ١/ ١٦٢، والمنتظم ٥/ ١٠٥.
(٣) طبقات ابن سعد ٤/ ٢٥٤.
(٤) حلية الأولياء ١/ ٢٧٧، ٢٧٨.