للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال هشام: مرض فعاده عمر، وقال له: والله إنك فيما علمتُ لخفيف المؤونة، حسن المعونة.

وحكى ابن عساكر عن زُرارة بن أبي أوْفى: أن معاوية خطب فقال: نحن أحقُّ بهذا الأمر، نحن شجرة رسول الله وبيضته التي انفلقت عنه، فناداه صَعصعة: وأين بنو هاشم؟ فقال: نحن أَسوَسُ للمُلْك منهم، وهم خيرٌ منا.

ثم قال معاوية: أنا لكم جُنَّة، فقال صعصعة: فإن احترقت فكيف تَصنع؟ فقال معاوية: هذا ترابي، من التُّراب خُلقتُ وإلى التراب أصير.

ثم قال معاوية: لو وَلد أبو سفيان الناسَ كلّهم لكانوا أكياسًا، فقال صَعصعة: فقد وَلد الناسَ كلَّهم من هو خير من أبي سفيان وهو آدم، ومنهم الكَيّس والأحمق (١).

وحكى ابن عساكر أيضًا عَن زُرارة قال: قدم صَعصعة في وَفد العراق على معاوية، فقال لهم: قدمتُم أرضًا بها قبورُ الأنبياء، فقال صَعصعة: مَن مات بها من الفراعنة أكثر مَن مات من الأنبياء، فقال له معاوية: اسكُتْ لا أرضَ لك، فقال: ولا لك يا معاوية، إن الأرض لله يُورثها مَن يشاء من عباده، فقال معاوية: لقد كنتُ أُبغِضُ أن أراك خطيبًا، فقال صعصعة: وأنا والله لقد كنت أبغض أن أراك خليفة.

وبهذه الروايات يَحتجُّ ابنُ سعد أن صعصعة مات أيام معاوية، فإنه قال: شهد صعصعة الجمل هو وأخوه زيد وسَيحان، فلما قُتل أخواه أخذ الراية بيده، قال: وتوفي بالكوفة في أيام معاوية، وروى عن علي وعبد الله بن عباس (٢).

وروى عنه أبو إسحاق السبيعي، والمِنهال بن عمرو، وعبد الله بن بُريدة وغيرهم.

وقال البخاري: مات صعصعة في أيام يزيد بن معاوية (٣).

وقال الواقدي: مات سنة ست وثلاثين.

ومن فَصاحته ما حكاه أبو القاسم بن عساكر، عن محمد بن سلام قال: مَرَّ صَعصعة


(١) تاريخ دمشق ٨/ ٣١٠.
(٢) طبقات ابن سعد ٨/ ٣٤٠ - ٣٤١.
(٣) التاريخ الكبير ٤/ ٣١٩.