للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعزل عنها ابن أبي حذيفة، فخرج إلى الشام، فقتله مولى لعثمان (١).

وقال هشام بن الكلبي: استأذن محمد عثمانَ في غزو البحر فأذن له، فخرج إلى مصر، فلما رأى الناس عبادتَه وزهدَه أعظموه وأطاعوه، وكان محمد بن أبي حذيفة جَهوريّ الصوت، فكبّر يومًا خلف عبد الله بن سعد تكبيرةً أفزعتْه، فشتمه ابنُ سعد وقال: أنت حدث أحمق، ولولا ذلك قاربتُ بين خُطاك.

وكان محمد بن أبي حذيفة ومحمد بن أبي بكر يعيبان على عثمان توليتَه لابن سعد، ويؤلِّبان عليه، فكتب عبد الله بن سعد إلى عثمان فأخبره، فكتب إليه عثمان: أما ابنُ أبي بكر فيوهَب لأبيه ولعائشة، وأما ابنُ أبي حذيفة فابني وتربيتي، وهو فَرْخُ قريش، فكتب إليه ابن سعد: إن هذا الفَرْخَ قد نَبت ريشُه، وما بقي إلا أن يطير، فبعث عثمان إلى ابن أبي حذيفة بثلاثين ألفًا وكسوة، فجمع محمد المصريين، ووضع المال في المسجد وقال: إن عثمان يريد أن يخدَعَني ويَرشوني على ديني، وفرَّقه فيهم، فازداد في عيون القوم، وازدادوا طغيانًا على عثمان، فاجتمعوا وبايعوا محمدًا على رئاستهم، فلم يزل يؤلِّبُهم على عثمان حتَّى ساروا إليه فقتلوه (٢).

وقال أبو سعيد بن يونس ويزيد بن [أبي] حبيب: فقدم معاوية مصر في سنة ستِّ وثلاثين، فنزل عينَ شمس، وامتنع عليه دخول مصر، فكتب إلى محمد بن أبي حُذيفة يَخدعه ويقول: إنا لا نريد قتال أحدٍ من المسلمين، وإنَّا جئنا نطلب القَوَدَ بعثمان، فادفعوا إلينا قاتليه: ابنَ عُدَيس وكنانة بن بِشر فهما رأسا القوم.

فكتب إليه ابنُ أبي حذيفة: إني لم أكن لأُقيد بعثمان جَدْيًا [أرطَبَ السُّرَّة]، فقال معاوية: فاجعلوا بيننا وبينكم أجلًا حتَّى يجتمع الناس على إمام، وارهنوا عندنا رَهْنًا، فأجابه محمد إلى ذلك وقال: أنا أستخلف على مصر، وأخرج مع الرُّهُن في هذا العهد، هانما قال ذلك جُبنًا وخَوَرًا منه، فاغتنم معاوية قولَه.


(١) كذا وهو خطأ، صوابه: مولى لمعاوية، واسمه رشدين. انظر المعارف ٢٧٢، والاستيعاب (٢٢٤٦)، والتبيين ٢١٧.
(٢) انظر الطبري ٤/ ٢٩١، وأنساب الأشراف ٥/ ١٦٧ - ١٦٩ و ٧/ ٦٩٩ - ٧٠٠.