للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال معاوية: إن صاحبكم قتل خليفتَنا وابنَ عمِّنا، وألَّب عليه، وفرَّق جماعتنا، ثم يزعم أنَّه لم يقتله؟! ونحن لا نردُّ ذلك، ألستم تعلمون أن قتلَةَ عثمان أصحابُه وبِطانتُه، فلْيدفعْهم إلينا حتَّى نقتلَهم به، ثم نجيبكم إلى الطاعة والجماعة.

فقال له شَبَث بن رِبْعي: أيسرُّك يا معاوية أنك لو مُكِّنْتَ من عمار أتقتلُه؟ فقال له معاوية: وما يمنعُني من ذلك؛ لو مَكَنتُ من ابن سُمَيَّة ما قتلتُه بعثمان، ولكن كُنْتُ أقتلُه بناتِل مولى عثمان.

فقال له شبث: وإله السماء، إنك لن تصلَ إليه حتَّى تندُرَ الهامُ عن كواهل الأقوام، ثم تفرَّقوا عن غير شيء.

وقول معاوية: لا يُقعْقَع لي بالشِّنان مثلٌ للعرب (١)، والشِّنان جمع شَنَّة؛ وهي القِربة الصغيرة، والقَعْقَعَةُ الصَّوتُ.

قال أبو مخنف: ثم أرسل معاوية إلى أمير المؤمنين حَبيبَ بن مَسلَمة الفِهريّ ومعن بن يزيد بن الأخنسَ، قال الطبري: وشُرَحْبيل بن السِّمط، وهو وهم؛ فإن شُرحبيل مات في السنة الماضية، وقد ذكرناه.

قال: ولما دخلوا على أمير المؤمنين حمد الله حَبيب وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإن عثمان كان خليفةً مهديًّا يعمل بكتاب الله، فاستثقلتُم حياته، واستبطأتُم وفاتَه، فعدوتُم عليه فقتلتُموه، فإن زعمت أنك لم تقتله فادفع إلينا قتلتَه، ثم اعتزل الناس، فيكون أمرهم شورى بينهم، يُولُّون مَن أجمع عليه رأيُهم.

فصاح عليه أمير المؤمنين وقال: اسكت لا أمَّ لك، ما لك ولهذا؟ فقام حبيب وهو يقول: والله لتراني بحيث تكره، فقال له علي: لا أبقى الله عليك إن أبقيت (٢).

ثم حمد أمير المؤمنين الله، وصلى على رسوله وأثنى على أبي بكر وعمر ، ثم قال: فوَلي عثمان، فأتى بأشياء عابَها الناس عليه، فنهيتُه عنها فما انتهى، وأقام على لَجاجة، وتخلّى عنه المهاجرون والأنصار، فسار إليه الناس فقتلوه، ثم أتاني


(١) جمهرة أمثال العرب ٢/ ٤١٢.
(٢) في الطبري ٥/ ٧، ووقعة صفين ٢٠٠ كلام لشرحبيل بن السمط.