للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التمسوا فيهم المُخْدَج، فالتمسوه فلم يجدوه، فقام علي بنفسه فطاف في القتلى، فأخرجوه من بينهم، فكبَّر علي ثم قال: صدق الله، وبَلَّغ رسولُه، فقام إليه عَبِيدَةُ السَّلْمانيّ فقال: يا أمير المؤمنين، ألله الَّذي لا إله إلا هو لسمعتَ هذا من رسول الله ؟! فقال: إي، والله الذيَ لا إله إلا هو، حتَّى استَحْلَفه ثلاثًا وهو يَحلِفُ له. انفرد بإخراجه مسلم.

معنى وَحَّشُوا برماحهم، أي: ألقَوْها، وشَجَرهم الناس، أي: شَبَكُوهم بالرِّماح.

قال أَبو عُبيد: اسم ذي الثُّدَيَّة بلبول.

وقال هشام بن محمد: وهذا ذو الثُّدَيَّة هو أبو الخوارج وأصلُهم، ويقال له: ذو الخُوَيصرة، وهو الَّذي قال لرسول الله وهو يقسم غنائم حُنين: يا محمد، اعدِلْ فما عدَلْتَ، وقد ذكرناه هناك (١). ويُقال له: المُخْدَج، أي: النَّاقِص.

وقال أبو مِخْنَف: لما مر علي على القتلى تطوف على ذي الثدية، وكان معه سُلَيم بن ثُمامة الحنَفيّ، والرَّيَّان بن صَبرة بن هَوْذة، فوجده الرَّياّن في حُفرة على شاطئ النهر، في أربعين أو خمسين قتيلًا، فلما استُخرج نظر إلى عَضُده، فإذا لحمٌ مجتَمِعٌ على مَنكِبِه كثَدْي المرأة، [له] حَلَمة عليها شَعرات سود، فإذا مُدَّت امتدّت حتَّى تُحاذي يدَه الأخرى، فإذا تُركت عادت إلى منكبه، فكبَّر علي وقال: والله ما كَذَبتُ ولا كُذِبْتُ، وذكره … قال: ووقف عليهم عليّ وهم صَرْعى فقال: بُؤسًا لكم، لقد ضرَّكم مَن غَرَّكم، قالوا: يا أمير المؤمنين ومَن غَرَّهم؟ قال الشيطان وأنْفُسٌ أمارةٌ بالسُّوء، غَرَّتهم بالأماني، وزينت لهم عمل السوء.

قال: وطُلب مَن به رَمَق منهم فكانوا أربع مئة رجل، فقال علي لعَشائرهم: احمِلوهم معكم وداووهم، فإذا بَرِؤوا فوافوني بهم الكوفة، وما وجد من السِّلاح والدَّوابّ وآلةِ القتال قَسمه بين الناس، وأما العبيد والإماء فردَّهم على أهلهم.

وطلب عَدِيّ بن حاتم (٢) ولدَه طَرَفة بن عدي، فوجده قتيلًا، فدفنه وقال: الحمد لله


(١) سلف في قسم السيرة.
(٢) في (خ) و (ع): وطلب علي بن حاتم، والمثبت من الطبري ٥/ ٨٨.