للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُتل عمار، قال معاوية: قُتل عمار فماذا؟ قال عمرو: سمعتُ رسول الله يقول لعمار: "تقتلك الفئة الباغية"، فقال له معاوية: دَحَضْتَ في بولك، أوَ نحن قتلناه؟ إنما قتله عليٌّ وأصحابه، جاؤوا به فألقَوْه بين رماحنا وسُيوفنا.

وقال ابن سعد بإسناده إلى جعفر بن محمد (١) قال: سمعتُ رجلًا من الأنصار يحدِّث أبي، عن هُنَيّ مولى عمر بن الخطاب قال: كان أصحاب معاوية يقولون: إن قتلْنا عمارًا فنحن الفئةُ الباغية، قال هُنَيّ: فذهبتُ أطوف بين القَتْلى، فإذا بعمار بينهم قتيل، فأتيتُ عمرو بنَ العاص فقلتُ له: ما سمعتَ رسولَ الله يقول في عمار؟ فذكر الحديث، قال: فقلتُ: ها هو قتيل، قال: هذا باطل، فقلت: قم فانظرْه، فجاء، فلما رآه امتُقِع لونُه، ثم قال مثل ما قال معاوية: إنما قتله الَّذي أخرجه.

وفي رواية: ولما بلغ ذا الكَلاع قتلُ عمار قال لعمرو: ويحك، أنحن الفئة الباغية؟! وأضمر الرجوع إلى عسكر أمير المؤمنين وكانت تحت يده ستون ألفًا، واختلط الناس فقتله المِرْقال.

قلت: وقد روى حديث "تقتُلُك الفئة الباغية" جماعة؛ منهم أبو قتادة:

قال أحمد بإسناده عن أبي سعيد الخُدريّ قال: أخبرني مَن هو خير منّي أبو قتادة، أن رسول الله قال لعمار بحَفْرِ الخندق، وجعل يَمسح رأسَه ويقول: "بُؤسَ ابنِ سميّة، تقتُلُك الفئةُ الباغية".

انفرد بإخراجه مسلم (٢)، البُؤْس: الفقر (٣).

وهذا خُرِّج على عادة العرب، كقوله لمعاذ: "ثكلتْكَ أُمُّك". ولهذا وقع في بعض نسخ البخاري: بُؤْسًا لعمار (٤).


(١) في (خ) و (ع): محمد بن جعفر، وهو خطأ، والمثبت من طبقات ابن سعد ٣/ ٢٣٤، وتاريخ دمشق ٥٢/ ٢٢٧.
(٢) مسند أحمد (٢٢٦٠٩)، وصحيح مسلم (٢٩١٥).
(٣) فسره النووي وغيره بالشدة والمكروه، انظر حواشي المسند، وشرح النووي على صحيح مسلم ١٨/ ٤٠.
(٤) كذا، والذي في البخاري (٤٤٧) و (٢٨١٢) من حديث أبي سعيد : ويح عمار، وفي مسلم (٢٩١٥) (٧١) من حديث أبي قتادة ويس أو يقول: يا وَيسَ ابنِ سمية.