للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما الكتاب فآيات، منها في سورة البقرة قوله تعالى ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [٤٣]، روى مجاهد، عن ابن عباس قال: نزلت في علي بن أبي طالب، هو أول مَن صلّى مع النبي .

وقال ابن عباس: ما أنزل الله آية إلا وأمير المؤمنين أميرُها ورأسُها، يشير إلى قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾.

وقوله تعالى ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهُمْ بِاللَّيلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً﴾ [٤٧٤]، روى عكرمة، عن ابن عباس قال: كان مع أمير المؤمنين أربعة دراهم، فتصدّق بدرهمٍ ليلًا، وبدرهم نهارًا، وبدرهم سرًّا، وبدرهم علانية، فنزلت الآية (١).

ومنها في آل عمران ﴿فَقُلْ تَعَالوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ﴾ [٦١]؛ وقد ذكرنا القصة في السنة العاشرة، وفي وفد نَجْران.

ومنها في المائدة قوله تعالى ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ [٥٥]، إلى قوله ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾، ذكر أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره" (٢)، عن السدي قال: مرَّ سائلٌ بعلي بن أبي طالب ، فأعطاه خاتَمة وهو راكع، فنزلت الآية.

وفي رواية السدِّي: أن رسول الله رآه وقد أعطى السائل خاتَمه، فدعاه وقال: "من أين لك هذا؟ " فقال: أعطاني إياه ذلك المصلّي، فكبَّر رسول الله ، ونزل جبريل بالآية، فقال حسان بن ثابت: [من الطويل]

أبا حَسَنٍ تَفديك روحي ومُهجتي … وكلُّ بطيءٍ في الهوى ومُتسارعِ

فأنت الذي أعطيت إذ كُنت راكعًا … فدَتْك نفوس الخلْقِ يا خيرَ راكعِ

بخاتمك الميمون يا خير سيّدٍ … ويا خير شارٍ ثُمّ يا خيرَ بائعِ

فأنزل فيك الله خيرَ ولايةٍ … وبَيَّنها في مُحكمات الشَّرائعِ

فإن قيل: فإلقاءُ الخاتم عَبَث، قلنا: قد كان الكلامُ والفعل مباحًا في صدر الإسلام، يتحدّثون في الصلاة، ويَسأل بعضُهم بعضًا، ففي "الصحيحين" من حديث


(١) أسباب النزول للواحدي ٨٦، وللسيوطي ٥٠ من طريق مجاهد، عن ابن عباس.
(٢) ٤/ ٨٠. وانظر تفسير الطبري (١٢٢١٠ - ١٢٢١٤)، وأسباب النزول ١٩٢، ولباب النقول ٩٣.