للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيري، فناديت: يا معاشر المسلمين، هذا رسول الله ، فأومأ إليَّ: أن اسكُت، وقد ذكرناه في غَزاة أُحد.

وكان كعب شاعرًا مُفْلِقًا، قال ابن سعد بإسناده عن محمد بن سيرين: أن النبي أتى كعبَ بن مالك على جَمل قد شنق له حتى بلغ رأس المَوْرِك، فقال: أين هو؟ فجاء من خلفه فقال: "هِيه"، فأنشده، فقال رسول الله : "لَهو أشَدُّ عليهم من وَقْعِ النَّبْلِ" (١).

وقال أحمد بن حنبل بإسناده عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه: أنه قال للنبي : يا رسول الله، قد أنزل الله في الشعر ما أنزل، فكيف أصنع؟ فقال النبي : "المؤمن يُجاهد بنَفْسه وبسيفه وبلسانه، والذي نفسي بيده، لكأنَّ ما تَرمونهم به نَضْحُ النَّبْل" (٢).

وقال ابن سعد بإسناده عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه قال: لما حَضرتْ كعب بنَ مالك الوفاةُ أتَتْه أمُّ بِشر بن البَراء بن مَعْرور، فقالت: يا أبا عبد الرحمن، إن لَقيتَ ابني فلانًا فأقرئه مني السلام، فقال: يغفر الله لك يا أمَّ بِشر، لنحن أشغلُ من ذلك، فقالت: أما سمعتَ رسول الله يقول: "إن أرواحَ المؤمنين طيرٌ خُضرٌ تَعْلُق من شجر الجنة"؟ قال: بلى، قالت: فهو ذاك (٣).

قلت: الحديث المشهور: "إن أرواح الشهداء" (٤)، وإنما وقع هذا الحديث كذا.

وقال ابن سعد بإسناده عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه كعب بن مالك: أنه كان له على عبد الله بن أبي حَدْرَد الأَسلميّ مالٌ، فلَقيه فلَزِمه، فتكلّما حتى ارتفعتْ


(١) طبقات ابن سعد ٤/ ٣٩٥، وقوله: حتى بلغ رأس المورك؛ معناه: بالغ في جذب رأس الجمل إليه ليكفه عن السير.
(٢) مسند أحمد (٢٧١٧٤).
(٣) طبقات ابن سعد ٤/ ٣٩٣ - ٣٩٤.
(٤) أخرجه أحمد (٢٧١٦٦)، والترمذي (١٦٤١).