للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: كان اجتماعُهم في شعبان سنة اثنتين وأربعين، والميعادُ في مثلِه من قابل.

وفيها بعث معاويةُ المغيرةَ بنَ شعبة إلى زيادِ بنِ أبيه، فخدعه وأَنزله من قلعتِه، وجاء به إلى معاوية.

وقد ذكر القصة عمر بن شَبَّةَ وهشام وغيرُهما؛ قال عمر (١): كان لزياد بالبصرةِ أَموالٌ كثيرةٌ عند عبد الرحمن (٢)، فبعث [معاويةُ] المغيرةَ بنَ شعبة إلى البصرة لينظر في أَموالِ زيادٍ، فلما قَدِمَ المغيرة بنُ شعبة البصرة؛ خلا بعبد الرحمن بن أبي بَكْرة وقال له: لئن كان أَبوك أَساءَ إِليَّ؛ فلقد أحسن عمُّك، أي: زياد (٣)، وإني مُجازيه، فلا تَجْزَعْ.

ثم أظهر أَنه عَذَّبَه، وكان يجعلُ على وجههِ شيئًا، فيُغْشَى عليه ليُعْذِرَه معاويةُ، وكتب إلى معاويةَ: إني عذَّبْتُه، فلم أُصِبْ عنده شيئًا يَحِلُّ لي أَخْذُهُ. وحفظ المغيرةُ لزياد يدَه التي كانت عنده.

ومعناه أَنَّ زيادًا لم يشهد على المغيرةِ بالزنى عند عمر، وشهد أبو بكرة، وقد ذكرناه.

فكتب معاويةُ إلى المغيرة أَن يَقْدَمَ عليه (٤)، فسار إِلى الشام، فلما دخل إلى معاوية؛ أخلاه، ثم أنشده فقال:

إِنما موضعُ سِرِّ المرءِ إنْ … باحَ [بالسِّرِّ] أخوه المُنتَصِحْ

فإذا بُحْتَ بِسِرٍّ فإِلى … ناصحٍ يستُرُه، أو لا تَبُحْ

فقال له المغيرة: إنْ تَسْتَوْدِعْني تستودعْ ناصحًا شفيقًا وَرِعًا وثيقًا، فما ذاك؟ قال: لم أَنَمْ في ليلتي هذه: قال: ولم؟ قال: ذكرتُ قلادًا واعتصامَه بأرض فارس وامتناعَه


(١) يعني عُمر بن شَبَّة، شيخ الطبري، والكلام في "تاريخ" الطبري ٥/ ١٧٦ - ١٧٧، وينظر "أنساب الأشراف" ٤/ ٢١٥ - ٢١٦.
(٢) يعني عبد الرحمن بن أبي بكرة. قال ابن الأثير في "الكامل" ٣/ ٤٢٢. كان زياد قد استودع ماله عبدَ الرحمن بنَ أبي بكرة، وكان عبد الرحمن يلي ماله بالبصرة.
(٣) زياد بن أبيه أخو أبي بَكْرة لأمِّه. وقد تحرفت لفظة "أي" في (خ) إلى لفظة: "إلى". ولم يرد هذا الكلام في (م).
(٤) هذه رواية أخرى للخبر، وصلها المختصر بما قبلها. وينظر "أنساب الأشراف" ٤/ ٢١٥، و"تاريخ" الطبري ٥/ ١٧٧.