للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المال إلا معِ الجود، ولا في الصدق إلا مع الوفاء، ولا في العفَّة إلا مع الورع، ولا في الحياة إلا مع الصحة.

وقال: السلطان إذا كان صالحًا (١) وجلساؤه جُلساءَ سوء، امتنع خيرُه عن الرعيّة، فإن التِّمساح إذا كان في الماءِ الصافي لم يقدر أحدٌ من الدنوِّ منه مع الحاجة إليه (٢).

قلتُ: وقد جاء عن بعض الحكماء مثل هذا، ولعلَّ عَمرًا أخذه منه (٣).

وقال: ما استودعتُ أَحدًا سِرًّا فأَفشاه فلُمْتُه؛ لأنّي كُنْتُ أَضيقَ صدرًا منه حين استودعتُه إياه فأفشاه؛ أخذه شاعر فقال:

إذا ضاقَ صَدْرُ المرءِ عن سِرِّ نَفْسِه … فصدرُ الذي يُسْتودعُ السِّرَّ أضيقُ (٤)

وذكره الموفق في "الأنساب" (٥) فقال: وكان حَسَنَ الشِّعْر، ومِمَّا حُفِظ من شعره يخاطبُ عمارةَ بنَ الوليدِ لَمَّا خَرَجا إلى النجاشي:

تَعَلَّمْ عُمارَ أَنَّ مِنْ شَرِّ شِيمةٍ … لِمثلِكَ أن يُدعى ابنُ عمٍّ له ابنَما

أَأَن كُنْتَ ذا بُرْدَينِ أحوى مُرَجَّلًا … فلستَ براءٍ لابنِ عمِّك مَحْرَما

إذا المرءُ لم يترك طعامًا يحبُّه … ولم يَنْهَ قلبًا غاويًا حيث يمَّما

قضى وَطَرًا منه وغادر سُبَّةً … إذا ذُكرتْ أَمثالُها تملأُ الفَما

وقد ذكر الأبيات.

وأن عُمارة تعرَّض (٦) لامرأة عمرو، ووَشَى بعُمارةَ إلى النجاشيّ، فأمرَ السواحرَ فنفَثْنَ في إحليل عُمارة حتى هامَ مع الوحش في البرِّيَّة (٧).


(١) في (م): ناصحًا.
(٢) ينظر "العقد الفريد"١/ ٣٣ - ٣٤.
(٣) ذكر الثعالبي في "ثمار القلوب" ص ١٧٨ أن لأزدشير كتابًا في حسن السيرة يُضرب المثل به، وتَقتبس الملوك من أنواره. وذكر له قوله: لا سلطان إلا برجال. . إلخ الذي سلف من قول عمرو.
(٤) أورده المبرِّد في "الكامل" ٢/ ٨٨١ ضمن أبيات للعتبي.
(٥) ص ٤٦٢، واسمه: "التبيين في أنساب القرشيين". وينظر أيضًا "عيون الأخبار" ١/ ٣٧.
(٦) في (م): وقيل: إن عمارة بن الوليد لما خرجا إلى النجاشي تعرض ....
(٧) ينظر "الأغاني" ٩/ ٥٥ - ٥٩، و "أخبار النساء" ص ١٠٣ - ١٠٤.