للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو صالح عن ابن عباس: لما رأى الله عري آدم وحوَّاء أمره أن يذبح كبشًا من الضَّأن من الأزواج الثمانية فذبحه، ثم أخذ صوفه فغزلته حوَّاء ونسجه آدم، فعمل منه جُبَّة لنفسه، ودِرعًا وخمارًا لحوَّاء (١)، وهو أول من حاك في الأرض وخاط.

ثم أنزل الله عليه الكَلْبَتَين والمِطْرَقة، وكانتا لا يقلهما أحد من الناس، فكان يكسر الأشجار بالمطرقة. وعَمِلَ التَّنور الذي وَرِثه نوح وفار الماء منه (٢).

وقال مجاهد: أتاه جبريل بالجَلَم فجزَّ الشاة وغزلت حواء صوفها، وحاكه آدم عباءتين فلبساهما، ثم جاءه جبريل بثورين فصمدهما، ثم زرع عليهما، ثم حصد ودرس، ثم ذرَّى ثم صفَّى، ثم طَحن وعَجن، ثم خَبز وأكل (٣).

وقال سعيد بن جبير: جاءه جبريل بثور أحمر، فكان يحرث عليه ويمسح العرق عن جبينه، ويقول لحوَّاء: أنت عملت بي هذا. قال سعيد: فليس أحد من ولد آدم يعمل على ثور إلا ويقول: "حو" (٤). قال: فحينئذٍ قال آدم: هذا ما وعدني ربي من قوله: ﴿فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى﴾ [طه: ١١٧].

وقال قتادة: جاءه جبريل بنار فأخذها بيده فأحرقت يده فقال: يا جبريل احترقت يدي، ولم تحترق يدك، فقال: لأنَّ يدك خاطئة. قال: وجبريل جاءه بالمقدحة وغيرها.

وروى مجاهد عن ابن عباس قال: لما أُهبِطَ آدم من جبل سَرَندِيب، وفقد كلام أهل السماء وتسبيحهم، ونظر إلى سعة الأرض، استوحش فقال: يا ربِّ، املأ هذه الأرض من يسبِّحك ويقدِّسك، فأوحى الله إليه قد استجبت دعاءك، وسأفعل ذلك (٥).

* * *


(١) انظر "تاريخ الطبري" ١/ ١٢٤.
(٢) انظر "تاريخ الطبري" ١/ ٢٧ - ١٢٨، والكلبتان: ما يأخذ به الحداد الحديد المحمى.
(٣) انظر "المنتظم" ١/ ٢١٢، وتاريخ الطبري ١/ ١٢٩ - ١٣٠.
(٤) أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" ٧/ ٤١١ - ٤١٢.
(٥) أخرجه الطبري في "تاريخه" ١/ ١٣١ عن وهب.