للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجاء قومُه فسلَّموا عليه من بعيد، فقال: مرحبًا بقومي، ادنوا، فقالوا: ما نستطيع أن ندنوَ منك لأجلِ النار، قال: فأنتم تُريدون أن تُلقوني في نارٍ أعظمَ منها، نار جهنَّم، فرجعوا.

وقال عبد الله بن أحمد بإسناده عن الزُّهريِّ قال (١): بات هَرِم بنُ حَيَّان عند حُمَمَةَ صاحب رسول الله ، فبات حُمَمَةُ يبكي إلى الصباحِ، فقال له هَرِمٌ: ما أبكاك؟ فقال: ذكرتُ ليلةً صبيحتُها تبعثرُ القبور، فيخرجُ من فيها. قال: وبات حُمَمةُ عند هَرِم، فبات هَرِم يبكي ليلتَه حتى أصبح، فسأله حُمَمَةُ عن بكائِه، فقال: ذكرتُ ليلةً صبيحتُها تتناثر النجوم.

وكانا يأتيان بالنهارِ سوقَ الحدَّادين، فيسألان الله أن يُعيذَهما من النارِ، ثم يفترقان.

ولم يذكر ابن سعد تاريخ وفاة هَرِم، وقال الهيثم: مات في سنة ستٍّ وأربعين.

وقال ابن سعدٍ بإسناده عن مَخْلَد بن الحُسين قال: سمعت هشامًا يذكر عن الحسن قال (٢): مات هَرِم بن حيَّان في غَزاة له في يوم صائف، فلما فُرغَ من دفنه جاءت سحابةٌ، فرشَّت القَبْرَ حتى تَرَوَّى، ولا يُجاوزُ القبرَ منها قطرةٌ واحدةٌ، ثم عادت عَوْدَها على بَدْئِها.

وروى ابن سعد أيضًا عن قتادة قال: أُمطر قبرُ هَرِم بن حيَّان من يومِه، ونبت العشبُ من يومِه.

وذكره جَدّي في "الصفوة" وقال: لا يُعرفُ لهرمٍ مسندٌ أصلًا (٣).

قلت: وقال ابن سعد في "الطبقات": كان لهرمٍ فَضلٌ وعبادةٌ. روى عنه الحسنُ البصريُّ، وكان ثقةً (٤).

وقال هشام: روى عنه الحسنُ البصري وابنُ سيرين وغيرُهما (٥).


(١) الخبر في "الزهد" لأحمد ص ٢٨٢، و"صفة الصفوة" ٣/ ٢١٤ عن مطر الوراق.
(٢) "طبقات ابن سعد" ٩/ ١٣٣. ووقعت العبارة في (م) بلفظ: وقال ابن سعد بإسناده عن الحسن قال …
(٣) صفة الصفوة ٣/ ٢١٥. ووقع في (م): لا نعرف لهرم …
(٤) الطبقات ٩/ ١٣١.
(٥) لم ترد هذه الفقرة في (م).