للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القدس إلى دار المسغبة، بكى على خطيئته مئة سنة، قد رمى برأسه على ركبتيه حتى نبت العشب من دموعه والأشجار، وامتلأت نُقَرُ الجَلاهم وأَقْعِبَتُها، ثم تاب عليه.

والنُّقَر: الحفر. والجُلاهم: جمع جُلْهُمة وهي جانب الوادي، وقوله: وأقعبتها، كذا وقعت هذه الرواية، والصواب: وقعبانها.

وقد أخرج الخطيب حديثًا في بكاء آدم فقال بإسناده عن ابن بريدة عن أبيه عن رسول الله : "لو وُزن دُموعُ آدمَ بجميعِ دموعِ ولدِه لرَجَحَ دُموعُه على الجميعِ" (١).

قال جدي في "الأحاديث الواهية": في إسناده أحمد بن بشير، قال ابن معين: وهو متروك (٢).

وحكى الوليد بن مسلم عن الأوزاعي قال: بكى آدم على الجنة سبعين عامًا، وعلى خطيئته سبعين عامًا، وعلى ابنه هابيل حين قتل أربعين عامًا، وأقام بمكّة مئة عام (٣).

وذكر مقاتل بن سليمان في كتاب "المبتدأ" له قال: جاءه جبريل بعد أن بكى مئة سنة فقال له: يا آدم هذا بكاؤك (٤) لفراق الجنان، فأين بكاؤك لفراق الرحمن؟ فبكى مئتي سنة أخرى، فجرى من إحدى عينيه مثل الفرات، ومن الأخرى مثل دجلة.

* * *

ومن الحوادث قصد السباع والهوام إيَّاه: روى وهب بن منبِّه قال: لما نزل آدم إلى الأرض كان فيها سباع وهوام، فأتاهم إبليس فقال: قد نزل إليكم حيوان يقصد هلاككم فأهلكوه، فقصدوه من كلِّ جانب، فخاف وقال: يا إلهي اكفنيهم، فأوحى الله إليه: اختر منهم واحدًا يذبُّ عنك، فدعا الكلب ومسح على رأسه، فحمل عليهم فطردهم، فمن ثَمَّ يألف الكلب بني آدم ويحفظ عهدهم.

* * *


(١) "تاريخ بغداد" ٤/ ٤٧.
(٢) "العلل المتناهية" (٤٤).
(٣) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" ٦/ ٧٧.
(٤) إلى هنا انتهى الخرم في (ب).