للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي رواية في هذا الحديث: أن النبيَّ لَمَّا جلسَ بفِناء بيتِ فاطمة قال: "أَثَمَّ لُكَع؟ " فحبسته فاطمةُ شيئًا، فظننتُ أَنها تُلبسُه سِخابًا، أوتُعسِّلُه، فجاء الحسنُ يشتَدُّ. وذكره.

السِّخَاب: القِلادةُ .. ولفظة "لُكَع" على وجهين: أحدُهما أنه يُقال للصبيِّ الصغير، وقد ذكرها الجوهريّ فقال: وفي حديث أبي هريرة: "أَثَمَّ لُكَع" يعني الحسنَ أو الحُسين. والثاني يقال لقليل العلم؛ قاله أبو عُبَيد. فإِن كان الخطاب للحسنِ فقد عُلِمَ ذلك، وإن كان بمعنى قلَّةِ العلم؛ فيكون قولُه لأبي هريرة على وجه المُداعبة.

وأخرج ابن سعد بمعناه عن أبي هريرة (١)، وفيه أن أبا هريرة قال: ما رأيتُ الحسنَ إلا فاضت عيناي، وذكره فقال: فقام رسولُ اللهِ من سوق بني قينقاع إلى المسجد وقال: "أَي لُكاع، اُدْعُ لي لُكَعًا" فجاء الحسنُ يشتدُّ، فوقع في حِجْرِه، ثم أدخل يدَه في لحيتِه، وجعل يُدخِلُ فاه في فيه. الحديث (٢).

وللبخاريّ عن أُسامة بن زيد قال: كان رسولُ اللهِ يُقْعِدُ الحسنَ على فَخِذِه اليُمنى، والحسين على فَخِذِه اليُسرى ويقول: "اللهم إني أُحبُّهما فأَحِبَّهما، اللهم إني أَرْحَمُهُما فارْحَمْهما " وقد ذكرناه (٣).

وللبخاري عن عقبة بن الحارث قال: خرجتُ مع أبي بكر من صلاة العصر بعد وفاة رسول الله بليال وعليٌّ يمشي إلى جنبهِ، فَمَرَّ بالحسنِ وهو يلعبُ مع الصبيان -أَو الغِلْمان- فاحتمله أبو بكر على رقبته وجعل يقول:

وا بأَبي شِبْهُ النبي (٤) … ليس شبيهًا بعلي


(١) طبقات ابن سعد ٦/ ٣٦٠، وينظر "تاريخ دمشق" ٤/ ٤٩٩.
(٢) من قوله: وفي الصحيحين أيضًا عن أبي هريرة … إلى هذا الموضع، ليس في (م).
(٣) في الرواية التي نسبها المصنف للبخاري نظر، فالذي في "صحيح البخاري" (٣٧٤٧) عن أسامة بن زيد ، عن النبي أنه كان يأخذه والحسن ويقول: "اللهم إني أُحِبُّهما فأَحِبَّهما". وفيه أيضًا (٦٠٠٣) عنه قال: كان رسول الله يأخذني فيقعدُني على فخذه، ويُقعد الحسن على فخذه الأخرى، ثم يضمُّهما، ثم يقول: "اللهم ارْحَمْهما فإني أَرْحَمُهُما"، ولم أقف في "صحيح البخاري" على الرواية التي ذكرها المصنف.
(٤) في (خ): بأبي شبه بالنبي. والمثبت من (م).