للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: أتحبُّ (١) أن يُدْخِلَك اللهُ مدخل أبيك؟ فقال له: ويحك! ومن أين وقد كان له من السوابقِ ما قد سَبَقَ؟! فقال الرجلُ: أَدخَلَكَ اللهُ مَدْخَلَه فإنه كافِر وأنت. فتناولَه محمد بن عليّ من خلفِه، فلطمَه لَطْمَةً لَزِمَ الأَرْض، فنشر الحسنُ عليه رِداءً وقال: عَزْمةً مني عليكم يا بني هاشم لتَدْخُلنَّ المسجدَ فَلَتُصَلّنَّ. ثم أخذ بيد الرجل، فانطلق به إلى منزله، فكساه حُلَّةً، ثم خلَّى عنه.

وقال ابن سعد (٢): كان بين الحسن ومروان كلامٌ، فأغلظَ له مروان والحسنُ ساكت، فامتخط مروان بيمينه، فقال له الحسنُ: ويحك، أما عَلِمْتَ أن اليمينَ للوجهِ، واليسارَ للمقعدِ -أو للفَرْجِ- أفّ لك. فسكت مروان.

قلتُ: كذا وقعت هذه الروايةُ، وهي وَهْمٌ، لأنَّ اليمينَ إذا كانت للوَجْه فقد أتى مروانُ بالسّنَّة، وكان ينبغي أن تكون الروايةُ أن مروانَ امتخط بيساره.

وحكى ابن سعد (٣) أنَّ الحسنَ والحسين كانا يُصلِّيان المكتوبةَ خَلْفَ مروان.

وقال ابن سعد (٤) بإسناده أن معاوية قال لرجلٍ من أهل المدينة: أَخبِرْني عن الحسن. قال: إذا صلَّى الغداةَ جلس في مُصَلَّاهُ حتى تطلعَ الشمس، ثم يُسانِدُ ظَهْرَهُ، فلا يبقى في مسجدِ رسولِ الله [رجل] له شَرَفٌ إلا أتاه، فيُسلّمون عليه، ويجلسون حوله يتحدَّثون، فإذا ارتفع النهار صلَّى ركعتين، ثم نهض، فيأتي أُمهاتِ المؤمنين، فيُسَلِّمُ عليهنّ، فربّما أَتْحَفْنَه، ثم يأتي مَنْزِلَه، ثم يروح، فيصنع مثلَ ذلك، فقال معاويةُ: ما نحنُ معه في شيء.

وقال ابن سعد بإسناده عن هشام بن عروة، عن عروة أن أبا بكر خطب يومًا، فجاء الحسنُ، فصعد إليه المنبر وقال: انزل عن منبر أبي، فقال عليّ كرَّم اللهُ وجهَه: إنَّ هذا لشيءٌ من غير ملأ منّا (٥).


(١) في (خ): أحبُّ. والمثبت من "الطبقات".
(٢) المصدر السابق.
(٣) في "الطبقات" ٦/ ٣٧٢.
(٤) المصدر السابق ٦/ ٣٧٣.
(٥) طبقات ابن سعد ٦/ ٣٧٤. وذكره أيضًا البلاذري في "أنساب الأشراف" ٢/ ٣٧٧.