للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى أيضًا عن محمد بن عمر، عن علي بن عمر، عن أبيه، عن علي بن الحسين قال: كان الحسنُ مِطلاقًا للنساءِ، وكان لا يُفارِقُ امرأةً إلّا وهي تُحبُّه.

وقال ابن سعد (١): حدثنا عليّ بن محمد، عن الهُذلي، عن ابن سيرين قال: كانت هند بنت سهيل بن عمرو عند عبد الرحمن بن عتّاب بن أسيد، وكان أبا عُذْرِها (٢)، فطلَّقها، فتزوَّجها عبد الله بن عامر بن كُريز، فطلَّقها، فكتب معاويةُ إلى أبي هريرة أن اخْطُبْها على يزيد بن معاويةَ، فلقيه الحسنُ بن علي فقال: إلى أَينَ؟ قال: أَخطبُ هِنْدًا على يزيد، فقال: اذكرني لها، فذكره لها، فقالت: خِرْ لي، فقال: أَختارُ لكِ الحسنَ، فتزوَّجها، فقَدِم عبد الله بنُ عامر المدينةَ، فقال للحسن: لي عندها وديعةٌ، فدخل إليها والحسنُ معه، وجلَسَتْ بين يَدَيه، فَرَقَّ ابن عامرٍ، فقال الحسنُ: ألا أَنْزِلُ لكَ عنها، فلا أراك تجدُ محلِّلًا خيرًا لكما مني؟ فقال: وديعتي. فأخرجت سَفَطَين فيهما جوهر، ففتحهما، وأخذ من واحدٍ قبضةً، وترك الباقي، فكانت تقول: سيِّدُهم جميعًا الحسنُ، وأَسخاهم ابنُ عامر، وأحبُّهم إليَّ عبد الرحمن بن عتَّاب.

قلت: وقد ذكر أبو [بكر] محمد بن جعفر الخرائطيُّ بمعنى هذه الحكاية، فقال (٣): حدثنا أبو زيد عمر بن شبَّة بإسناده عن (٤) [محمد بن عمارة بن نعيم الغفاري قال:] طلَّق عبد الله بن عامر امرأته بنتَ سهيل بن عمرو، فقَدِمتِ المدينةَ ومعها ابنة لها من ابن عامر، ووديعةُ جوهرٍ استودَعَها إياه، فتزوَّجها الحسنُ بن علي، ثم أراد ابن عامرٍ الحجَّ، فأتى المدينةَ، فلقيَ الحسنَ، فقال: يا أبا محمد، إنَّ لي إلى ابنةِ سهيلٍ حاجةً، فأُحبُّ أن تأذَن لي عليها، فاستأذنَها، ودخل ابن عامر، فسألها وديعتَه، فجاءته بها وعليها خاتَمُهُ، فقال: خُذي ثُلُثَها، فقالت: ما كُنْتُ لآخذَ على أمانةٍ ائتُمنتُ عليها شيئًا أبدًا. ثم أقبل عليها ابن عامرٍ فقال: إنَّ ابنتي قد بلغت، فأُحبُّ أن تُخَلِّيَ بيني وبينها. فبكت وبكت ابنتُها، فرقَّ ابن عامر، فقال الحسن: فهل لكما، فواللهِ ما من مُحَلِّلٍ خيرٌ مني؟ فقال ابنُ عامر: أجل، واللهِ لا أُخرجُها من عندك أبدًا. قال: فكفلها الحسنُ حتى مات.


(١) المصدر السابق ٦/ ٣٧٥ - ٣٧٦.
(٢) يعني أوَّل من تزوَّجها.
(٣) في "اعتلال القلوب" ص ٢٣٩، وما وقع فيه بين حاصرتين منه.
(٤) فوقها في (خ): كذا (بسبب السقط).