للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"إنَّ الله خَلَقَ آدمَ ومسَحَ ظَهرَه بيَمِينِه فاستَخرَجَ منه ذُرِّيَّة، فقال: خَلَقتُ هؤلاءِ للجنَّةِ، وبعَمَلِ أهلِ الجنَّةِ يَعمَلُون، واستخرج ذرِّيَّة، وقال: خَلَقتُ هؤلاءِ للنَّارِ، وبعَمَلِ أهلِ النَّارِ يَعمَلُون" فقال رجل: ففيمَ العملُ يا رسول الله؟ فقال: "إنَّ الله إذا خَلَقَ العبدَ للجنَّةِ استعمَلَه بعملِ أهلِ الجنَّة، [حتى يموتَ على عملٍ من أعمال أهلِ الجنَّة] فيُدخِلَه به الجنَّة، وإذا خَلَق العبدَ للنَّارِ استَعمَلَه بعملِ أهلِ النَّارِ حتى يموتَ على ذلك، فيُدخِلَه النَّارَ" (١).

وقال أحمد بإسناده عن أبي الدَّرداء عن النبي قال: "خَلَقَ الله آدمَ حينَ خَلَقَه فَضَربَ كتِفَه اليُمنى فأخرجَ ذرِّيَّةً بَيضاءَ كأنَّهم الذَّرُّ، وضَرَبَ كتِفَه اليُسرى فأخْرَجَ ذرِّيَّة سَودَاءَ كأنَّهم الحُمَمُ، فقَال للَّذي في يمينهِ: إلى الجنَّةِ ولا أُبالي، وقال: للَّذي في كَفِّه اليُسرى إلى النَّارِ ولا أُبَالِي" (٢).

وقال أحمد بن حنبل بإسناده عن أبيِّ بن كعب بمعناه. وفيه: وأَشهَدَ عليهم السَّماواتِ والأرضَ وآدمَ (٣).

ورواه الحسن البصري عن أنس، وفيه: فأخرج من ظهره ذريّة فقال: هؤلاء في الجنّة ولا أُبالي، ثم أخرج ذريّة أخرى فقال: هؤلاء في النّار ولا أبالي، فقيل: يا أبا سعيد لا أُبالي بمن؟ فقال: لا تنفعه طاعة هؤلاء ولا تضره معصية هؤلاء.

وروى السُّدي عن أشياخه قالوا: أخرج الله من ظهره من الجانب الأيمن ذريّة بيضاء مثل اللؤلؤ، وقال لهم: ادخلوا الجنّة برحمتي، وأخرج من صفحة ظهره اليسرى ذريّة سوداء وقال لهم: ادخلوا النّار ولا أبالي. قال: فذلك قوله تعالى: ﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (٢٧)[الواقعة: ٢٧] الآية، ثم قال لهم الله: اعلموا أني إلهكم لا إله لكم غيري، فلا تشركوا بي شيئًا، وأني مرسل إليكم رسلًا يذكرونكم بعهدي وميثاقي، وأني مُنزل عليكم كُتُبًا، فنطقوا وقالوا: شهدنا بأنَّك ربَّنا وإلهنا لا ربَّ لنا غيرك، ولا إله سواك، فأَقرُّوا كلهم طائعين غير مكرهين، فأخذ مواثيقهم، وكتب آجالهم وأرزاقهم ونوائبهم وأفراحهم وما يكون منهم، فلا تقوم الساعة حتى يولد كلُّ من أخذ ميثاقه، لا


(١) أخرجه أحمد في "المسند" (٣١١)، وما بين حاصرتين منه.
(٢) أخرجه أحمد في "المسند" (٢٧٤٨٨).
(٣) هو من زوائد عبد الله بن أحمد على المسند، موقوف عليه، "مسند أحمد" (٢١٢٣٢).