للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وذكر من قال هذا القولَ أنْ الحكمَ قفل من غَزوتهِ هذه، فمات بمَرْو.

قلتُ: والأصحُّ أنه مات في سنة خمسين؛ لأنه أقامَ بخُراسان سنتين وبعضَ الثالثة، فغزا غزواتٍ كثيرة. وقد نَصَّ ابن سعد على أنه مات سنة خمسين.

وذكر المدائنيّ أن أوّل مَنْ شَرِبَ من جَيحون مولى للحَكَم بن عمرو، فاغترف بتُرْسِه، وشربَ منه، ثم ناوله الحكم، فشرب منه، ثم نزل، فصلّى ركعتين وراءَ النهر.

أسند الحَكَمُ الحديثَ عن رسول الله ، وأخرج له أحمد في "المسند" أربعة أحاديث (١).

قال أحمد بإسناده عن عبد الله بن الصامت قال (٢): أراد زياد أن يبعثَ على خُراسان عمرانَ بن الحُصَين، فأبى عليه، فقال له أصحابُه: أتَرَكْتَ خُراسان أن تكونَ عليها؟ فقال: إني -واللهِ- ما يسرُّني أن أُصلَى بحرِّها، ويُصْلَوْن ببَرْدِها، إني أخافُ إذا كُنْتُ في نَحْرِ العدوِّ أن يأتيَني كتابٌ من زياد، فإن أنا مَضَيتُ؛ هلكتُ، وإن رجعتُ، ضُرِبَتْ عُنُقي.

قال: فأراد الحكمَ بنَ عمرو الغِفاريَّ عليها، فانقاد لأمرِه. فقال عمران: ألا أحدٌ يدعو إليَّ الحكَمَ؟ فانطلق الرسولُ، فأقبلَ الحَكَمُ عليه، فدخل عليه، فقال عِمران للحَكَم: أسمعتَ رسولَ الله يقول: "لا طاعة لأَحدٍ في معصيةِ الله تعالى؟ ". قال: نعم. قال عمران: لله الحمدُ، اللهُ أكبر (٣).

وفي هذا حديثٌ مشترك بين الحكم وبين عمران بن الحُصَين.

وفي الصحابة من اسمه الحكمُ رجُلان (٤): أحدُهما هذا، والثاني: الحكم بن عمرو بن الشريد، وكلاهما له صحبةٌ ورواية.


(١) ينظر "المسند" (١٧٨٦٠) - (١٧٨٦٥)، و (٢٠٦٥٣) - (٢٠٦٦١).
(٢) المسند (٢٠٦٥٤).
(٣) في "المسند": "لله الحمد. أو: الله أكبر". يعني على الشك من الراوي.
(٤) كذا وقع، والأغلب أنه يريد مِمَّن اسمه الحكم بن عمرو، كما يدل عليه السياق، وهو في "تلقيح فهوم أهل الأثر" ص ١٨٢ و ٢٨٩، لكن ذكرَ ابنُ حجر في "الإصابة" ٢/ ٢٧٤ أربعة مِمَّن يُسمَّون الحَكَم بن عمرو، فزاد: الحكمَ بنَ عمرو بن معتب الثقفي -وهو في "الاستيعاب"- والحكمَ بنَ عمرو الثعلبي، وقال: له ذكر في الفتوح. وأما من اسمه الحكم غير ابن عمرو من الصحابة، فأكثر من عشرة.