وذكر أبو جعفر الطبري وقال: أول ما أنزل عليه حروف المعجم في إحدى وعشرين ورقة، وهو أوَّل كتاب كان في الدنيا (١).
وذكر أبو إسحاق الثعلبي في أول سورة الرحمن عن ابن عباس قال: كان آدم يتكلَّم بسبع مئة ألف لغة، أفضلها العربيَّة، قالوا: ولو قال: بسبع مئة لغة احتمل، أمَّا بسبع مئة ألف، فهذا ممَّا لا توافقه عليه العقول السليمة.
فصل
فإن قيل: فقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى﴾ [طه: ١١٨] وقد جاع وعري، فالجواب: أنه ما جاع وعري في الجنَّة، وإنما كان ذلك في الدُّنيا. والظَّمأ هو العطش ﴿وَلَا تَضْحَى﴾ [طه: ١١٩] أي: تبرز للشمس، والجنَّة ما فيها شمس فيؤذيه حرُّها.
فإن قيل: فهما اثنان، فهلَّا قال: أن لا تجوعا، قلنا: غلب المذكَّر على المؤنَّث، لأنَّ نعت آدم كان أكثر، وكذا قوله: ﴿فَتَشْقَى﴾ [طه: ١١٧] كان من حقِّه أن يقول: فتشقيا.
فإن قيل: فما معنى قوله: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ [طه: ١٢١] قلنا: معناه أخطأ وضلَّ ولم ينل مراده، لأنه خالف، والعصيان خلاف الطَّاعة ﴿ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيهِ وَهَدَى (١٢٢)﴾ [طه: ١٢٢] أي: هداه للتَّوبة، وفَّقه لها.
فإن قيل: فهل يجوز إخراج الضَّيف من دار المضيف؟ فالجواب من وجوه:
أحدها: نعم، إذا ترك الأدب وطمع فيما لا يجوز له.
والثاني: لأنه كان في صلبه الأنبياء والعلماء والأولياء، والجنَّة ليست بدار توالد.
والثالث: لولا نزوله ما تصاعدت صعداء الأنفاس، ولا نزلت رسائل، هل من سائل؟