للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أحمد بإسناده عن علي بن مُدرِك قال: سمعتُ أبا زرعة يُحدِّثُ عن جرير -وهو جَدُّه- عن النبي أنَّه قال له: "يا جرير، استَنْصِتْ لي الناسَ". يعني في حجَّة الوداع.

قال: فخطب وقال: "لا تَرجِعُوا بعدي كُفَّارا يَضْرِبُ بعضُكم رِقابَ بعض" أخرجاه في الصحيحين (١).

وقال أبو القاسم بن عساكر: وله يقول القائل:

لولا جَريرٌ هلكت بَجِيلَهْ … نعمَ الفَتى وبئستِ القَبيلهْ

فقال عمر بن الخطاب: [ما] مُدِحَ من هُجِيَ قَوْمُه (٢).

وقال هشام: شهد جريرٌ جَلُولاءَ والمدائنَ وفارسَ في أيام عمر، وأرسله عمر مددًا، وولّاه عثمان همَذان، فذهبت إحدى عينيه في قتالها.

وقال ابن سعد بإسناده عن إسماعيل قال (٣): سمعتُ قيسًا يقول: سمعتُ جريرَ بنَ عبدِ الله يقول يومَ القادسية: أي قوم، إليَ إليَ، أنا جَرِير. قال قيس: وكُنَّا يومَ القادسية رُبعَ الناس، وساق المشركون ثمانية عشر فيلًا، فوجَّهوا إلينا منها ستَّةَ عشرَ، وإلى الناسِ فِيلَين.

وقال ابن سعد بإسناده عن الشعبي (٤): إنَّ عمرَ كان في بيت ومعه جَرِير، فوجد [عمر] ريحًا، فقال: عزمتُ على صاحبِ هذه الريحِ لَما قام فتوضّأ. فقال جرير: يا أميرَ المؤمنين، أَوَيتوضّأُ القومُ جميعًا؟ فقال عمر: رحمكَ الله، نِغمَ السَّيِّدُ كُنْتَ في الجاهلية، ونعمَ السيّدُ أنتَ في الإسلام.

وفي غير رواية ابن سعد أنَّ هذه الواقِعةَ كانت في المسجد، وأنَّ عُمرَ صلَّى بالناس صلاة الصبح، فسمع صوتَ ريح، فلما سلَّم قال ذلك، وقالماله جرير: أَوَنتوضّأُ كلُّنا؟ وذكره.

وقال هشام: لَمّا وقعتِ الفتنةُ اعتزلَها جرير، فأقام بقَرقِسِياء (٥).


(١) مسند أحمد (١٩١٦٧)، وصحيح البخاري (١٢١)، وصحيح مسلم (٦٥).
(٢) الخبر في "الاستيعاب" ص ١٢٠ وما وقع بين حاصرتين منه، وينظر "مختصر تاريخ دمشق" ٦/ ٣٠.
(٣) طبقات ابن سعد ٦/ ٢٩٤.
(٤) المصدر السابق.
(٥) بلد عند مصبّ نهر الخابور بالفرات.