للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو اليقظان: لَمَّا أمر زيادٌ بإخْراجِ حُجْر وأصحابه من الكوفة؛ مرُّوا على الجَبَّانة (١) ومنازلهم فقالت هند هذه الأبيات.

ورأيتُ في بعضِ النُّسَخِ أَنَّ ابنةَ حُجْر قالت الأبيات.

وقال عبد الله بن خليفة الطائي الذي خرج مع حُجْر، وحَبَسَ زيادٌ عديَّ بن حاتم لأجْلهِ، وأنه شَفَعَ فيه إلى زياد فقال: يَخرجُ من المِصْر (٢). وقال عديّ: يا ابنَ أخي، إنَّه قد لجَّ في أمرِكَ، وأبى إلا إخراجَك عن مِصْرِكَ، فاخْرُجْ فالحقْ بالجَبَلَين، وإذا سكن غَضَبُهُ كلَّمتُه فيك. فخرج فأقامَ بالجبلَينِ، وجعل يكتبُ إلى عديّ، وهو يُمنِّيه، فكتب إليه عبد الله:

تذكَّرتُ ليلى والشبيبةَ أَعصُرا … وذِكْرُ الصِّبا بَرحٌ على مَنْ تَذَكَّرا

وولَّى شبابي فافْتَقَدْتُ غُضونَهُ … فيا لكَ من وَجْدٍ به حين أَدبَرا

فَدَع عنك تَذْكارَ الشبابِ وفَقْدَهُ … وآثارَه إذْ بانَ عَنْكَ فأَقْصَرا

وبَكِّ على الخُلَّانِ لَمّا تُخُرِّمُوا … ولم يَجِدوا عن مَنْهلِ الموتِ مَصدرَا

دَعَتْهُم مناياهم ومن حانَ يومُه … من الناسِ فاعلم أنَّه لن يُؤَخَّرا

وما كُنْتُ أَهوى بَعدَهم مُتَعَلَّلًا … بشيءٍ من الدنيا ولا أن أُعمَّرا

على أهلِ عَذْراءَ السلامُ مُضاعَفًا … من اللهِ تستسقي الغَمامَ الكَنَهْوَرا

قال الجوهري: الكَنَهْور: العظيم من السحاب.

ولاقَى بها حُجْرٌ (٣) من الله رحمةً … فقد كان أرضى الله [حُجْرٌ] وأَعذَرا

ولا زال مِهْطالٌ مُلِثٌّ ودِيمةٌ … على قَبْرِ حُجْرٍ أو يُنادَى فيُحشَرا

ويا إخْوَتي من حَضرمَوْتَ وغالبٍ … وشيبانَ لُقِّيتُم حسابًا مُيَسَّرَا

سأبكيكُمُ ما لاح نجمٌ وغرَّد الـ … حَمَامُ ببَطْنِ الوادِيَينِ وقرقَرَا

من أبيات طويلة، يُعاتبُ فيها عديَّ بن حاتم.


(١) هي محالُّ بالكوفة تسمّى بهذا الاسم وتضاف إلى القبائل منها جبَّانة كندة مشهورة، و .... وقال ياقوت: أهل الكوفة يسمُّون المقابر جبَّانة. معجم البلدان ٢/ ٩٩.
(٢) في الكلام اختصار كبير، ينظر تفصيله في "تاريخ الطبري" ٥/ ٢٨١ - ٢٨٢.
(٣) في (خ): ولاقى بها حجرًا. والمثبت من "تاريخ" الطبري ٥/ ٢٨٢.