للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخرج البخاري عن سعيد أنَّه قال: واللهِ لقد رأيتُني وإنَّ عمرَ بن الخطابِ لَمُوثِقي على الإسلام أنا وأُختَه، وما أسلمَ بَعدُ (١).

وشهد سعيد أُحدًا والمشاهِدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه ولم يشهد بَدرًا؛ لأنَّ رسول الله بعثَه وطلحةَ يتحسَّسانِ عِيرَ قُريش، ففاتهما شُهودُ بَدر، فَضربَ لهما رسولُ الله بسَهْمَيهِما وأجْرِهما، وقد ذكرناه.

وقال البخاريّ: إنه شَهِدَها (٢)؛ فأخرج في "صحيحه" (٣) وقال: ذُكِرَ لعبد الله بن عُمر أن سعيدَ بنَ زيد مريضٌ (٤) -وكان بَدريًّا- في يوم جمعة. فركب إليه بعدما تعالى النهارُ، وتركَ الجمعة.

قالوا: وقَد وَهِمَ البخاريُّ في قوله: كان بدريًّا، فإنَّهم اتفقوا على أنَّه لم يَشهدها.

قلت: ويحتمل أن البخاريَّ أراد بَدريًّا حُكْمًا، لا حقيقةً (٥).

وكان سعيدٌ مجابَ الدعوة؛ دعا على أروى بنت أُويس، فهلكت؛ قال البخاري: حدثني عُبيد بن إسماعيل بإسناده عن هشام، عن أبيه، عن سعيد بن زيد بن عَمرو بن نُفيل؛ أنَّه خاصمَتْهُ أروَى إلى مروان في حقٍّ زعَمَتْ أنَّه انتقَصَه لها، فقال سعيد: أنا


(١) صحيح البخاري (٣٨٦٢) و (٣٨٦٧). قوله: مُوثقي على الإسلام؛ قال ابن حجر في "فتح الباري" ٧/ ١٧٦: أي: رَبَطَهُ بسبب إسلامه إهانةً له، وإلزامًا بالرجوع عن الإسلام.
(٢) لم يقل البخاري : إنه شهدها، بل قال: كان بدريًّا، (كما سيرد). وفرقٌ بين اللفظين، بل صرّح البخاري في "التاريخ الكبير" ٣/ ٤٢٥ بأنه لم يشهد بدرًا، فنقل عن أبي نُعيم قوله: قدم من الشام بعدما انصرف النبي من بدر، فضرب له رسول الله بسهمه.
(٣) برقم (٣٩٩٠) في كتاب المغازي.
(٤) في "صحيح" البخاري: مَرِضَ.
(٥) لعلَّ الواهم مَنْ وهَّم البخاريَّ في قوله: كان بدريًّا، فقد أورده في "صحيحه" في باب تسمية من سمي من أهل بدر (الفتح ٧/ ٣٢٦)، ولم يقل: من شهد بدرًا، بل صرَّح في "تاريخه" أنه لم يشهدها (كما سلف قبل تعليقين)، وقد ذكره ابن سعد في "طبقاته" ٣/ ٣٥٢ في الطبقة الأولى من البدريين من الهاجرين، وقال: لم يشهد طلحة وسعيد الوقعة، وضرب لهما رسول الله بسُهمانهما وأجورهما في بدر، فكانا كمن شهدها، وكذلك قال ابن الجوزي في "المنتظم" ٥/ ٢٤٧، وذكر ابن حجر في "فتح الباري" ٧/ ٣١١ أن الغرض من حديث البخاري هو قولُه: وكان بدريًّا، قال: وإنما نُسب إلى بدر -وإن كان لم يحضر القتال- لأنه كان مِمَن ضَرَبَ له النبي بسهم.