كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان

العصر الأموي - السنة الرابعة والخمسون - ج: 7 - ص: 319

وبينه (١)؟ قال: خافَني على شرفه، وخفتُه على شرفي. قال: فماذا عندك فيه؟ فقال: أسُرُّه غائبًا، وأسوءه (٢) شاهدًا.

وفيها عزل معاويةُ سمرة (٣) بنَ جُنْدُب عن البصرة، واستعملَ عليها عبدَ الله بنَ عَمرو بن غَيلان -ثَقَفيٌّ من جلال" (٤) التابعين- فأقام ستة أشهر، ثم عزله، وولَّى عُبيدَ الله بنَ زياد، فكان عبدُ الله بنُ عمرو ظَبْيًا بين حَيّتَين؛ سمُرة، وابنِ زياد.

وكان لما ماتَ زياد؛ وَفَدَ ابنُه عُبيد الله على معاوية، فقال له: مَنِ استخلَفَ على البصرة؟ قال: سمُرة بن جُندب. فقال له معاوية: لو استعملكَ أبوك لاستعملتُك. فقال: أنشدُك الله أن يقولَها لي أحدٌ بعدَك (٥).

وكان معاوية إذا أراد أن يولِّي رجلًا من بني حرب ولَّاه الطائف، فإذا رأى منه ما يُعجبُه ولَّاه مكَّة (٦)، فإذا أحسن الولاية ولَّاه المدينة (٧).

فكان إذا ولَّى الطائفَ رجلًا قيل: هو في أبي جاد (٨)، فإذا ولَّاه مكة قيل: هو في هوَّاز، فإذا لَّاه المدينة قيل: قد حَذَق.

ولما قال له عُبيد الله بنُ زياد ما قال، قال: قد ولَّيتُك خُراسان. وأوصاه، فكان فيما أوصاه: لا تبيعنَّ كثيرًا بقليل (٩)، وعليك بالوفاء ولو لعدوِّك، وافْتح بابك، وسهّل

---

(١) في النسختين (ب) و (خ): وبينهم. والمثبت من "تاريخ" الطبري ٥/ ٢٩٥.
(٢) في (ب) و (خ): وأسرُوه، وفي "تاريخ" الطبري ٥/ ٢٩٥: وأسرُّهُ. والمثبت من "البيان والتبيين" ٢/ ٨٤، و"العقد الفريد" ١/ ٢٩٩، و"التذكرة الحمدونية" ٢/ ٤٤.
(٣) في النسختين (ب) و (خ): سهل، وهو خطأ.
(٤) لم أقف على هذا الجمع، إنما ذُكر في المعاجم: أجلَّة، وأجلَّاء وجلَّة.
(٥) في "تاريخ" الطبري ٥/ ٢٩٦: يقولها إليَّ أحد بعدك: لو ولَّاك أبوك وعمُّك لولَّيتُك.
(٦) في "تاريخ" الطبري: ولَّاه مكة معها.
(٧) في المصدر السابق: جمع له معهما المدينة.
(٨) كناية عن أول أمره في الإمارة، كما هو الحال في ابتداء التعلم بحروف الهجاء: أبجد هوَّز … وأصل أبجد: أبو جاد، وأصل هوَّز: هوَّاز.
(٩) في النسختين (ب) و (خ): لا تتبعنّ كثيرًا بقلبك. والمثبت من "تاريخ الطبري" ٥/ ٢٩٦، ولم يرد الخبر في (م).