للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت عائشة تقول: ما من الناس امرأةٌ أحب إليّ أن أكون في مِسْلاخها من سَوْدَة بنتِ زمعة، إلا أنها امرأةٌ فيها حسد (١).

قال أبو هريرة: حجَّ رسول الله بأزواجه عام حجة الوَداع، ثم قال: "هذه [الحجة]، ثم ظهورَ الحُصُر". فكان كل نساء النبي يحجُّ إلا سَوْدة بنت زَمعة، وزينب بنت جحش؛ قالتا: لا تُحرِّكُنا دابة بعد رسول الله (٢).

وأطعمَ رسولُ الله سَوْدَة بخيبر ثمانين وَسْقًا تمرًا، وعشرين وَسْقًا شعيرًا. ويقال: قمح (٣).

وقالت عائشة : اختصمَ عَبْد بنُ زَمعة، وسعدُ بنُ أبي وقاص عند رسول الله في ابنِ أَمَةِ زمعة، فقال عَبْد: يا رسول الله، أخي ابنُ أَمَةِ أبي، فقال سعد: أوصاني أخي: إذا قدمتَ مكَّة فانظر ابنَ أَمَةِ زَمعة فاقْبِضه، فإنه ابْني. فنظر رسول الله ، فرأى شَبَهًا بيِّنًا بِعُتْبة، فقال: "هو لك يا عَبْد، الوَلَدُ للفراش، واحتَجِبي منه يا سَوْدَة". فما رآها حتى لَقِيَ الله (٤).

وبعثَ عمر بنُ الخطَّاب رضوان الله عليه إلى سَوْدَة غرائر دراهم (٥)، فأمرَتْ جاريتَها ففرَّقَتْها.

وتوفّيت سَوْدَةُ بالمدينة في شوال سنة أربع وخمسين، وقيل: سنة ثلاث. وقيل: ثلاث وعشرين وصلَّى عليها عمر رضوان الله عليه (٦).


(١) المصدر السابق.
(٢) طبقات ابن سعد ١٠/ ٥٥. وأخرجه أحمد (٢٦٧٥١). قوله: ثم ظهور الحُصُر. قال السندي (كما في حاشية المسند): أي: ثم الأَولى لكُن لزوم البيت. والحُصُر -بضمتين، وتسكّن الصاد تخفيفًا- جمع حصير يبسط في البيوت. ولعل المراد به تطييب أنفسهن بترك الحج بعد أن لم يتيسر، أو جواز الترك لهن على المعنى الذي ذكرنا، لا النهي عن الحج. والله أعلم.
(٣) طبقات ابن سعد ١٠/ ٥٦.
(٤) مسند أحمد (٢٤٠٨١)، وصحيح البخاري (٢٠٥٣)، وصحيح مسلم (١٤٥٧). وعتبة المذكور هو ابن أبي وقاص، أخو سعد.
(٥) غرائر جمع غِرارة، وهي وعاء يوضَع فيه القمح ونحوه. ووقع في "طبقات" ابن سعد ١٠/ ٥٦: بغرارة من دراهم.
(٦) ينظر "طبقات" ابن سعد ١٠/ ٥٧، و"الاستيعاب" ص ٩١٠، و"السير" ٢/ ٢٦٧.