للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالت عائشة (١) : سهرَ رسولُ الله ليلة، فقلت له: ما شأنُك؟ فقال: "ليتَ رجلًا صالحًا من أصحابي يَحْرُسُني الليلةَ". [قالت:] فبينا نحن على ذلك إذْ سمعتُ خَشْخَشَةَ سلاح، فقال: "مَنْ هذا؟ " فقال: أنا سَعدُ بنُ مالك. فقال: "ما جاء بك (٢)؟ " قال: وقعَ في نفسي خوفٌ عليك، فجئتُ أَحرُسُك. فدعا له رسول الله ، ثم نامَ حتى سمعت غَطِيطَه. متفق عليه (٣).

وعن عامر بن سعد أن أخاه عمر بن سعد انطلق إلى سعد وهو في إبلِهِ خارج المدينة، فلما راه سعد قال: أَعوذُ بالله من شرّ هذا الراكب. فنزل وجاء إليه وقال: يا أبه، نَزَلْتَ في إبلك وغنمك، وتركْتَ الناسَ يتنازعونَ المُلك بينهم؟! فضربَ سعدٌ في صدره وقال: اسكُتْ، سمعتُ رسول الله يقول: "إن الله يُحبُّ العَبْدَ التَّقيَّ الغنيّ الخَفِيّ" انفرد بإخراجه مسلم (٤).

وقد ظهرَتْ كراماتُ سعد في ابنه عمر بقوله: أعوذُ بالله من شرِّ هذا الراكب، فإنه هو الذي كان مقدَّم العسكر الذي قاتلَ الحُسين وقتلَه (٥).

قال جابر بنُ عبد الله: أقبلَ سعدٌ والنبيُّ جالسٌ، فقال رسول الله : "هذا خالي، فلْيُرِني امرؤٌ خاله" (٦). يعني من جانب أمِّه، فإنَّها من بني زُهْرَة.

وقال إسماعيل بن أبي خالد، عن سعد أنه قال: اللهم إنَّ لي بنين صغار (٧)، فأَخِّرْ عني الموت حتى يبلُغوا. فأخَّرَ الله عنه الموتَ عشرين سنة (٨).

و [قال أبو نُعَيم:] كان سعد مُجابَ الدعوة؛ دعا له رسولُ الله ، فقال: "اللهمَّ سَدِّدْ رَمْيَتَه، وأجِبْ دعوتَه". فاستجابَ الله فيه (٩).


(١) في (م): وقال أحمد بإسناده عن عائشة قالت … والحديث في "مسند" أحمد (٢٥٠٩٣).
(٢) في (خ): ما حاجتك.
(٣) صحيح البخاري (٢٨٨٥)، وصحيح مسلم (٢٤١٠).
(٤) صحيح مسلم (٢٦٦٥).
(٥) سيرد الكلام على ذلك في أحداث السنة الحادية والستين.
(٦) طبقات ابن سعد ٣/ ١٢٨، وستن الترمذي (٣٧٥٢).
(٧) كذا في (ب) و (خ) و"تاريخ دمشق" ٧/ ١٦٨ (ترجمة سعد) والجادة: صغارًا.
(٨) دلائل النبوة للبيهقي ٦/ ١٩١، وتاريخ دمشق ٧/ ١٦٨ (مصورة دار البشير)، والمنتظم ٥/ ٢٨١.
(٩) المستدرك ٣/ ٥٠٠، وتاريخ دمشق ٧/ ١٦١ (مصورة دار البشير).