للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولدِ آدم وأتمَّهم وقارًا وأحسنهم صورة، متجلِّلًا بالنُّور، متوشِّحًا بالجلال، عليه الهيبة والوقار والسَّكينة (١) وكان نورُ النبيِّ يشرق في وجه شيث، وفي وجوه ولده إلى زمان عبد الله بن عبد المطَّلب. قال ابن عباس: فذلك قوله تعالى: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٩].

قال مجاهد: وكان في وصيَّته لشيث: يا بنيَّ، لا تركن إلى الدنيا، فإني ركنت إلى الجنَّة فأُخرجت منها، ولا تعمل عملًا بغير مشورة، فإني لو شاورت الملائكة قبل أن آكل من الشجرة لما أكلت منها، ولا تستشيرنَّ امرأة، فإنَّ حوَّاء أمُّك فعلت بي ما فعلت، ومتى اضطرب في قلبك أمر فلا تفعله، فإني كنت مضطرب القلب عند أكلي من الشجرة.

وقال ابن عباس: مرض آدم أحد عشر يومًا.

وقال أحمد بن حنبل بإسناده عن الحسن قال: رأيت شيخًا يتكلم بالمدينة فسألت عنه فقالوا: هذا أبيُّ بن كعب، فقال: لما احتضر آدم، جاءته الملائكة فعرفتهم حوَّاء، فلاذت به، فقال آدم: إليك عنِّي فإنَّما أُتيت من قبلك، خلِّي بيني وبين ملائكة ربِّي، فقبضوه (٢).

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل بإسناده عن سعيد بن المسيَّب عن أُبيِّ بن كعب قال: لما احتضر آدم قال لبنيه: أشتهي من ثمار الجنَّة أو قِطْفًا منها، فذهبوا يطلبون له منها، فاستقبلتهم الملائكة ومعهم الأكفان والحَنوط والفؤوس والمساحي والمكاتل، فقالوا: ارجعوا فقد قضى أبوكم. وكانت حوَّاء قد لاذت به عند الموت تبكي فقال: إليك عني فإنما أتيت من قبلك خلِّي بيني وبين ملائكة ربي، فقبضوه وغسَّلوه وكفَّنوه ثم حفروا له وألحدوه، وقالوا: يا بني آدم، هذه سنَّة أبيكم.

وقال أُبيُّ بن كعب موقوفًا محليه ومرفوعًا: لما وضع آدم على سريره قال شيث لجبريل: تقدَّم فصلِّ عليه، فقال جبريل: إنما أنت أولى بالصَّلاة على أبيك، فتقدَّم


(١) انظر "مروج الذهب" ١/ ٦٨.
(٢) أخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في "المسند" عن الحسن عن عُتَيِّ بن ضمرة، عن أبي بن كعب (٢١٢٤٠) وإسناده ضعيف.