للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أرسل إلى ععد الرحمن في أبي بكر وقال: لقد هممتَ أنْ أقتلَكَ. فقال: إذًا يُدخِلَك الله النار (١).

قال الواقدي: ثم جمعَهم معاويةُ عند المنبر وقال: إني متكلِّم بكلام، فمن ردَّه قتلتُه. وكان خطابُه للخمسةِ نَفر، ثم سعد المنبو وقال: إن هؤلاء الخمسةَ قد بايَعوا. فسكتوا خوفًا من سيفه (٢).

وقال أبو اليقظان: كانت البيعة بمكة؛ لأنَّ معاوية لما تجهَّز من دمشق؛ خرج هؤلاء الخمسة معتمرين إلى مكَّة، فلما قدم معاوية المدينة في رجب؛ سألَ عنهم، فأخبره مروان أنهم خرجوا خوفًا من البيعة، فقدم معاويةُ مكةَ، فاعتمرَ، فلمَا قضى عموته جمعَهم وقال لهم: بايِعُوا. فقال عبد الله بن الزُّبير (٣): اخْتَر منَا خَصلَةً من ثلاث: إما أنْ تفعلَ كما فعلَ رسول الله ، فإنَّه لم يستخلفْ أحدًا، وإما أنْ تفعلَ كما فعلَ أبو بكر؛ نظرَ إلى رجل من عُرض (٤) قريش، فولَّاه، وإما أن تفعلَ كما فعل عمر، فإنه جعلَها شورَى في ستة نَفر من قريش. ووافقَه الباقون وقالوا: قَدْ أَنْصَفَك. فقال معاوية: إنِّي كنتُ عوَّدتكم عادةً، وأكرهُ أن أمنعَكموها حتى أُبيِّن لكم، إني كنتُ أتكلَّمُ بالكلام فتعترضون عليه وتردُّون عليّ، فإياكم أن تعودوا لمثلها، وإني قائمٌ فقائلٌ مقالةً، فإنْ صدقتُ فيها فلي صِدْقي، وإنْ كذبتُ فعَلَيَّ كذبي، واللهِ لا ينطقُ واحدٌ منكم في مقالتي إلَّا ضربتُ عنقَه.

ثم وكَّلَ بكلِّ رجلٍ رجلين، وقال: من ردَّ على فاقتلوه. ثم قام وقال: هؤلاء النَّفَر -وسمَّى كلَّ واحد باسمه- قد بايعوا ابني يزيد، فبايِعُوا. فانجفل الناسُ، فبايَعُوا.

ثم ركب رواحلَه، فطلب المثعام، وأمرَ أخاه عُتْبَةَ بن أبي سفيان أنْ يحجَّ بالناس في هذه السنة، فحجَّ بهم.


(١) ينظر "الإمامة والسياسة" ١/ ١٥٨ - ١٥٩، و"تاريخ" الطبري ٥/ ٣٠٣ - ٣٠٤، و"المنتظم" ٥/ ٢٨٦ - ٢٨٧.
(٢) المنتظم ٥/ ٢٨٧.
(٣) في هذا الوضع نهاية الخرم في (ب) الذي بدأ قبل ترجمة عامر بن سعد ص ٣٤٦.
(٤) أي: عامَّة.