للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقلت: فيمَ يا رسول الله؟ فأعرض عني، وأكَبَّ على كاتبه يُملي عليه، ثم قال: "أَنَكْتُبُكَ يا ابنَ حَوالة؟ ". فقلتُ: ما أدري، ما خارَ الله لي ورسولُه: فأعرض، فنظرتُ، فإذا في الكتاب عُمر، فعلمتُ أنَّ عُمر ما يُكتب إلا في خير، فقال: "أَنَكْتُبُكَ يا ابنَ حَوالة؟ " فقلت: نعم. قال: "فكيف تصنعُ في فتنة تخرجُ من أطراف الأرض، كأنها صَياصِي البقر (١)؟ " قلت: لا أدري كيف أصنع. [قال: "وكيف تصنعُ] في أخرى بعدها كأنَّ الأُولى فيها انتفاجة أرنب؟ " (٢). فقلت: لا أدري. فقال: "اتَّبِعُوا هذا". ورجلٌ مُقَفِّي (٣) حينئذٍ، قال: فأخذتُ بمَنْكِبِه وأقبلْتُ بوجهه إلى رسول الله ، فقلت: هذا؟ قال: "نعم". فإذا هو عثمان بنُ عفَّان (٤).

وقال الإمام أحمد (٥): حدثنا يزيد بن عبد ربِّه، حدثنا بقيَّة، حدثني بَحِير (٦) بن سَعْد، عن خالد بن مَعْدان، عن أبي قُتَيلة، عن ابن حَوالة، قال رسول الله : "سيصيرُ الأمرُ إلى أن يصيرَ جنودٌ (٧) مُجَنَّدة، جندٌ بالشام، وجندٌ باليمن، وجندٌ بالعراق". فقال ابنُ حَوَالة: خِرْ لي يا رسول الله إنْ أدركتُ ذلك. فقال: "عليكَ بالشام، فإنَّه خِيرَةُ اللهِ من أرضه، يجتبي إليه خِيرَتَه من عباده، وإن اللهَ تَكَفَّلَ (٨) لي بالشامِ وأهلِه".


(١) قال السندي (كما في حواشي "المسند"): أي: قرونها، جمع صِيصِية، بالتخفيف، شبَّه الفتنة بها لشدّتها وصعوبة الأمر فيها، وكل شيء امتُنع به وتُحُصِّن به، فهو صِيصِية، ومنه قيل للحصون: صياصي.
(٢) انتفاجة أرنب، بالجيم، أي: كوثبته من موضعه، يريد تقليل مدة الأولى بالنظر إلى الثانية أو تحقيرها. قاله السِّندي.
(٣) اسم فاعل من "قفَّى"، بالتشديد، أي: مُدْبِر.
(٤) الحديث في "مسند" أحمد (١٧٠٠٤)، وفي سياقته بعض الاختلاف عن سياقة المؤلف. وما بين حاصرتين زيادة ضرورية مستفادة منه.
(٥) مسند أحمد (١٧٠٠٥).
(٦) تحرَّف في (ب) و (خ) إلى: يحيى. والخبر ليس في (م).
(٧) في "المسند" (١٧٠٠٥): تكونوا جنودًا.
(٨) في "المسند": تَوَكَّلَ.