للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فجئتُ (١)، فإذا البابُ مُجافٌ (٢)، وسمعت خَضْخَضَةَ الماء، فلَبِسَتْ دِرْعَها، وعَجِلَت [عن] خمارها ثم قالت: ادخُلْ يا أبا هريرة. فدخلتُ، فقالت: أشهدُ أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسولُ الله. فجئتُ أسعى إلى رسول الله ، أبكي من الفرح كما بَكَيْتُ من الحُزن، فقلت: أبْشِرْ يا رسول الله، قد أجابَ الله دعوتَك، قد هدى أمَّ أبي هريرةَ إلى الإسلام. ثم قلت: يا رسول الله، ادْعُ اللهَ أنْ يُحبِّبَني وأمي إلى المؤمنين والمؤمنات. فقال: "اللهمَّ حَبِّبْ عُبَيدَك هذا وأمَّه إلى كلِّ مؤمن ومؤمنة".

[قال:] فليس يسمعُ بي مؤمنٌ ولا مؤمنةٌ إلا أَحبَّني (٣).

[وفي رواية: فما خلقَ الله من مؤمن ولا مؤمنة يسمع بي ولا يراني، أو يرى أمي، إلا وهو يُحبُّني].

وقال: إنكم تقولون: ما بالُ المهاجرين لا يُحَدِّثون عن رسول الله بهذه الأحاديث؟ وما بال الأنصار لا يُحَدِّثُون عن رسول الله ؟ وإن أصحابي من المهاجرين كانت تشغلُهم صَفَقاتهم (٤) في الأسواق، وإن أصحابي من الأنصار كانت تشغلُهم أَرَضُوهم والقيامُ عليها، وإني كنتُ امرأً مسكينًا (٥)، وكنتُ أُكْثِرُ مجالسةَ رسولِ الله ، أحْضُر إذا غابوا، وأحفظُ إذا نَسُوا، وإنَّ رسولَ الله حدَّثَنا يومًا فقال: "مَنْ يَبْسُطُ ثوبَه حتى أفرغَ من حديثي، ثم يقبضه إليه، فليس ينسى شيئًا سمعه منّي قطّ" (٦). وايمُ الله، لولا آيةٌ في كتاب الله ﷿ ما حدَّثْتُكم بشيء أبدًا: ﴿إِنَّ


(١) في (م): فادع اللهَ أن يهديَ أمّ أبي هريرة إلى الإسلام. قال: فدعا لها. قال: فجئت. . . إلح. وبنحوه في "طبقات" ابن سعد ٥/ ٢٣٣.
(٢) أي: مردود، يقال: أجاف الباب، أي: ردَّه.
(٣) طبقات ابن سعد ٥/ ٢٣٣. ونُسب الخبر في (م) إليه. وأخرجه مسلم (٢٤٩١). وينظر "تاريخ دمشق" ١٩/ ٢٢١ (مصورة دار البشير).
(٤) تحرفت اللفظة في (ب) و (خ) إلى: صدقاتهم. والخبر في "طبقات" ابن سعد ٥/ ٢٣٥، ولم يرد في النسخة (م).
(٥) تحرفت اللفظة في (ب) و (خ) إلى: معتكفًا.
(٦) في "طبقات" ابن سعد ٥/ ٢٣٥ و"مسند" أحمد (٧٧٠٥): "من يبسط ثوبه حتى أُفرغ فيه من حديثي ثم يقبضه إليه فلا ينسي شيئًا سمعه مني أبدًا". فبسطت ثوبي -أو قال: نَمِرتي- فحدثني، ثم قبضتُه إليّ، فوالله ما كنتُ نسيتُ شيئًا سمعته منه. اهـ وبنحوه في "الصحيحين".