للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأرادَ معاويةُ أن يُصْفِيَ أموال عبد الله [بن عامر] (١) فقال له ابنُ عامر: قال رسول الله : "مَنْ قُتِلَ دونَ مالِه فهو شهيد". واللهِ لَأُقاتِلَنَّ حتى أُقتل. فأعرضَ عنه معاوية (٢).

[قال ابن قتيبة: لم يرو ابن عامر عن رسول الله غير هذا الحديث.

وقال ابن عساكر (٣)، وزوَّجَه معاويةُ ابنتَه هندًا، وأسكنه إلى جانبه بالخضراء، وكانت دارُه بدمشق في الموضع الذي يُعرف بالجويرة (٤)؛ غربيَّ سوق القمح.

قال الزُّبير بن بكَّار: [حدَّثني عمي مصعب بن عبد الله، عن بعض القرشيين قال:] كانت هندُ بنتُ معاوية أبرَّ شيء بعبد الله بنِ عامر، وإنها جاءَتْه يومًا بالمرآة والمشط، وكانت تتولَّى خدمتَه بنفسها، فنظر في المرآة، فرأى وجهَه ووجهَها، وكانت شابَّة جميلة، ورأى الشيبَ في لحيته قد ألحقه بالشيوخ، فرفع رأسَه إليها وقال [لها]: الْحَقِي بأهلك (٥).

فانطلقت، فدخلت على أبيها، فأخبرَتْه، فقال معاوية: وهل تطلَّقُ الحُرَّة؟ فقالت: ما أُتِيَ (٦) من قِبَلي. وأخبَرَتْه الخبر. فأرسلَ إليه، فقال: أكرمتُك بابنتي، ثم تردُّها عليَّ من غير جناية! فقال له عبد الله: إن الله منَّ عليَّ بفضله، وجعلني كريمًا لا أُحبُّ أن يتفضَّل عليَّ أحد، وإنَّ ابنتك أعْجَزَتْني مكافأتُها لِحُسن صُحبتها، فنظرتُ في المرآة، فإذا أنا شيخٌ، وهي شابَّة، لا أَزيدُها مالًا إلى مالها، ولا شَرَفًا إلى شرفها، فرأيت أنْ أردَّها إليك فتُزَوَّجَها فتًى من فتيانك، كأنَّ وجهَه ورقةُ مصحف (٧).


(١) أي: يأخذ ماله كلَّه.
(٢) نسب قريش ص ١٤٨ - ١٤٩. ونُسب الخبر في (م) للزبير بن بكار، وذكره أيضًا البلاذري في "أنساب الأشراف" ٧/ ٦٨٨.
(٣) في "تاريخ دمشق" ٩/ ٤٥٧ (مصورة دار البشير، ترجمة عبد الله بن عامر) والكلام بين حاصرتين من (م).
(٤) في "تاريخ دمشق" ٩/ ٤٥٧: بالجزيرة.
(٥) في "نسب قريش" ص ١٤٩: بأبيك.
(٦) في النسخ الثلاث: ما أوتي. والمثبت من "نسب قريش" ص ١٤٩.
(٧) نسب قريش ص ١٤٩، والمستدرك ٣/ ٦٣٩ - ٦٤٠، والمنتظم ٥/ ٣١١ - ٣١٢، وذكره بنحوه البلاذري في "أنساب الأشراف" ٧/ ٦٨٨ - ٦٨٩.