للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صفوان الجُمحي إلى أُنيس من قِبَل ذي طُوى -وكان قد اجتمع إلى [ابن] صفوان قومٌ ممن نزلَ حول مكة- فقاتَلُوا أُنيس بنَ عمرو فانهزمَ، وأقبلَ عَمرو بنُ الزُّبير، فقاتله جماعةٌ من أصحاب عبدِ الله، فهزمُوه، وتفرَّق عنه أصحابُه، فدخل دارَ علقمةَ، فأتاه عُبيدة بن الزُّبير، فأجارَه، وجاء إلى أخيه عبدِ الله فقال: قد أجَرْتُ عَمرًا. فقال له ابنُ الزُّبير: أتُجِيرُ من حقوق الله؟ هذا ما لا يصلح (١).

وروى الواقدي هذه القصة من طريق آخر عن أبي الجَهْم قال: بعثَ يزيد بن معاوية جامعةً من فضَّة، فيها سلسلة من فضَّة، وقال لعمرو بن سعيد: قد حلفتُ لا أقبلُ بيعةَ ابنِ الزبير حتى تجعلَ هذه في عنقه ويُؤتى به إليّ. فلما مرُّوا بهما في المدينة قال مروان متمثّلًا ببيت من شعر العبَّاس بن مِرْداس السّلمي:

فخُذْها فليسَتْ للعزيزِ بخُطَّةٍ … وفيها مقالٌ لامْرِئٍ مُتَذَلِّلِ (٢)

وقبله بيتٌ آخر، وهو:

أعامرُ إنَّ القومَ ساموكَ خُطَّةً … ومالكَ في الجيران عنها بمعدلِ (٣)

ووصل البريد إلى ابن الزُّبير (٤)، فقال: قبَّح اللهُ يزيد الصُّيود، يزيد القُرود والخمور.

وبلَغَه شعرُ مروان، فقال: واللهِ لا كنتُ أنا ذلك المُتَذَلِّل، ارْجعْ إلى من بَعَثَك خاسرًا، لا وَفَى اللهُ بنذره. فقال أبو دَهْبَل الجُمَحِيّ (٥):


(١) في تاريخ الطبري ٥/ ٣٤٤ - ٣٤٥ (والكلام فيه): من حقوق الناس. وينظر "أنساب الأشراف" ٤/ ٣٤٨ - ٣٥٠.
(٢) تاريخ الطبري ٥/ ٣٤٦، ٤٧٦، و"شرح ديوان الحماسة"، للمرزوقي ١/ ٢٢٧. وفي "أنساب الأشراف" ٤/ ٣٣٩: فليست للعزيز مذلّة. وفيه في ٤/ ٣٤٧: فليست للعزيز بسنَّة. وزاد فيه في الموضع الأول رواية: لامرئ متضعِّفِ.
(٣) في "تاريخ" الطبري ٥/ ٣٤٦: ومالك في الجيران عَذْلُ معذّلِ.
(٤) وقع في (خ) (والكلام منها): ووصل الزبير إلى ابن الزبير بها (؟) وينظر "أنساب الأشراف" ٤/ ٣٣٩.
(٥) هو وَهْب بن زَمْعَة، من بني جُمح، قال الشعر في آخر خلافة علي ، ومدح معاوية وعبد الله بن الزبير، ووليَ لابن الزبير بعض أعمال اليمن. مات سنة (٦٣). ينظر "الشعر والشعراء" ٢/ ٦١٤، و"الأغاني" ٧/ ١١٤.