للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعث إليهم بمسلم بن عقيل، فسرَّحَه مع قيس بن مسهر الصَّيداوي، وعُمارة بن عَبْد (١) السَّلُولي، وعبد الرحمن بن عبد الله الأَرْحَبي، وقال: اكتُمْ أمرَك، فإن رأيتَهم مجتمعين إلى ما كُتبَ إليّ، فعرِّفني.

فسار مسلم حتى قدم الكوفة (٢)، فنزل في دار المختار بن أبي عُبيد، وهي تُعرف اليوم بدار مسلم بن المسيّب، وأقبلت إليه الشيعة، فقرأ عليهم كتاب الحسين ، فبَكَوْا، وأجابوا بالسمع والطاعة.

وشاع خبرُه، فقام النعمان بن بشير على المنبر، وقال: اتقوا الله عبادَ الله، ولا تُسارعوا إلى الفتنِ وسَفْكِ الدماء.

وكان النعمان حليمًا يحبُّ العافية. ثم قال: إني لا أُقاتلُ من لا يُقاتلُني، ولا أَثِبُ على من لا يثبُ عليّ، ولا أُنبِّه نائمَكم، ولا أَتحرَّشُ بكم، ولا آخُذُ على الظِّنَّة والتُّهمة، إلا إنْ أبديتُم صفحتَكم ونكثتُم بيعتَكم، وخالفتُم إمامَكم، فواللهِ لأَضْرِبَنَّكم بسيفي ما ثبتَتْ قائمتُه في يدي.

فقام إليه عبد الله بن [مسلم بن سعيد] (٣) الحضرمي، فقال: إنه لا يصلحُ ما ترى إلا القصمُ (٤)، والذي أنت عليه مما بينك وبين عدوِّك رأيُ المستضعفين. فقال النعمان: لأَنْ أكونَ من المستضعفين في طاعة الله أحبُّ إليَّ من أن أكونَ قويًّا في معصية الله، واللهِ لا هتكتُ سترًا ستره الله. ثم نزل.


(١) في "تاريخ" الطبري ٥/ ٣٥٤: عُبيد.
(٢) في الكلام اختصار، وقبله في "تاريخ" الطبري ٥/ ٣٥٤ أن مسلم بن عقيل أتى المدينة، فصلى في مسجد النبي وودَّع من أحبَّ من أهله، ثم استأجر دليلين من قيس، فأقبلا به، فضلّا الطريقَ، وأصابهم عطش شديد، فماتا، فكتب مسلم إلى الحسين يستعفيه من ذلك، ويرسل غيره، فلم يقبل الحسين منه ذلك، وأمره أن يمضي لما وجّهه إليه، فسار مسلم حتى قدم الكوفة. . . وينظر أيضًا "أنساب الأشراف" ٢/ ٤٦٣.
(٣) ما بين حاصرتين من "تاريخ" الطبري ٥/ ٣٥٦، ووقع في (خ) بدلًا منه كلمة رسمها: ممل.
(٤) في "تاريخ" الطبري: الغشم.