للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخذت بعقولهما أو بقلوبهما فراوداها عن نفسها، فأبت ثم انصرفت. ثم عادت في اليوم الثاني، ففعلا مثل ذلك، فأبت، وقالت: لا إلا أن تعبدا ما أعبد وتصليا لهذا الصنم وتقتلا النفس وتشربا الخمر، فقالا: لا سبيل لنا إلى هذه الأشياء، فإنَّ الله تعالى نهانا عنها. فانصرفت ثم عادت في اليوم الثالث ومعها قدح من خمر وفي أنفسهما من الميل إليها ما فيها، فراوداها عن نفسها فعرضت عليهما ما قالت لهما بالأمس، فقالا: الصلاة لغير الله عظيم وقتل النفس عظيم، وأهون الثلاثة شرب الخمر، فشربا الخمر فانتشيا، ووقعا على المرأة فزنيا، فلمَّا فرغا رآهما الشاب (١) فقتلاه.

قال الرَّبيع بن أنس: وسجدا للصنم؛ فمسخ الله الزهرة كوكبًا.

قال علي بن أبي طالب والسُّدي والكلبي: إنها قالت لهما: لن تدركاني حتَّى تخبراني بالذي تصعدان به إلى السماء، فقالا: باسم الله الأكبر، قالت: فما أنتما بمدركيَّ حتى تعلّماني إياه، فقال أحدهما للآخر: علِّمها، قال: إني أخاف الله، قال الآخر: فأين رحمة الله؟ فعلَّماها ذلك، فتكلَّمت به، وصعدت إلى السماء فمسخها الله كوكبًا (٢).

قال الثعلبي: فعلى قول هؤلاء هي الزهرة بعينها، وقيَّدوها فقالوا: هي الكوكبة الحمراء، واسمها بالفارسية أناهيد (٣)، وبالنِّبطية بيدخت. قال الثعلبي: ويدل على [صحة] هذا القول ما حدَّثنا [به] يحيى بن إسماعيل الحربي بإسناده عن عليّ قال: كان النبيُّ إذا رأى سهيلًا قال: "لَعَنَ الله سُهَيلًا إنه كانَ عَشَّارًا باليمنِ، لَعَنَ الله الزُّهرَة فإنَّها فَتَنَتِ المَلَكَينِ" (٤).

قال: وقال مجاهد: كنت مع ابن عمر ذات ليلة فقال لي: ارمق الكوكبة، يعني


(١) في "تفسير البغوي": (إنسان).
(٢) النقل بالحرفية من "عرائس المجالس" ص ٥١ - ٥٣، وانظر "تفسير البغوي" ١/ ١٠٠ - ١٠١.
(٣) في الأصول الخطية: (هيد)، وفي "العرائس": (ناهيد) والمثبت من "معجم الذهبي" ص ٧٦.
(٤) أخرجه بشطره الأول الطبراني في "الكبير" (١٨١)، وابن الجوزي في "الموضوعات" (٣٩١)، وقال ابن الجوزي: وهذا الحديث لا يصح.
وأورد الشطر الآخر السيوطي في "الدر المنثور" ١/ ٩٧، وعزاه لابن مردويه. وما بين معقوفين من "عرائس المجالس".