للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذّنوب؟ قال: إنِّي ابتليتُهم وعافيتُكم، قالوا: لو كنا مكانهم ما عصيناك. قال: فاختاروا ملَكَين منكم. فلم يَألوا أن اختاروا هاروتَ وماروتَ فنزلا، فأَلقَى عليهما الشَّهوة، فجاءت امرأةٌ يقال لها: الزُّهرة، فوقعت في قلوبهما، فجعل كلُّ واحد منهما يخفي ما في نفسه عن صاحبه. ثم راوداها فقالت: لا أمكِّنكما حتى تعلِّماني الاسم الذي تعرجان به إلى السماء وتهبطان، فامتنعا، ثم أجابا ففعلا، فمسخها الله كوكبًا، وقطع أجنحتهما. ثم سألا التوبة من ربِّهما فخيَّرهما بين عذاب الدنيا والآخرة فاختارا عذاب الدُّنيا، فأوحى الله إليهما: انطلقا إلى بابل، فانطلقا فهما منكوسان بين السماء والأرض يُعذَّبان إلى يوم القيامة". قال جدّي : هذا حديث لا يصح (١).

وأمَّا حديث سُهيل وقول النبيِّ : "لعن الله سُهيلًا كان عشَّارًا باليمن" فقال جدي في "الموضوعات" أيضًا: لا يصحّ مرفوعًا إلى رسول الله ولا موقوفًا، تفرَّد به إبراهيم بن يزيد الخوزي، اتفقوا على تركه (٢).

وقد رُويت لنا هذه القصة وليس فيها أنَّ الزهرة مُسخت كوكبًا: قرأتُ على شيخنا الموفَّق المقدسي قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن النَّقور، بإسناده عن عبد الله بن عمر، أنه سمع النبي يقول: "إنَّ آدمَ لمَّا أَهبَطَه الله تعالى إلى الأرض قالتِ الملائِكَةُ: يا ربّ، أتجعَلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها ونَحن أَطْوَع لك من بَني آدَمَ؟، فقال الله: هَلمُّوا ملَكَين منكُم حتى نُهبِطَهما إلى الأرضِ فننظر كيف يعملان، فاختاروا هارُوتَ ومارُوتَ، فأُهبِطا إلى الأرضِ (٣) ومَثُلَت لهما الزهرة امرأة من أحسنِ البَشَر، فسألاها نَفسَها، فقالت: لا والله حتى تتَكلَّما بهذه الكلمة من الإشراك. فقالا: لا واللهِ لا نشركُ بالله شيئًا، فذهبت عنهما. ثم رجَعَتْ بصبي تحملُه، فسألاها نفسها، فقالت: لا والله حتى تقتُلا هذا الصبيَّ، فقالا: لا والله لا نقتُلُه أبدًا، فذهبت ثم رجعت بقدح خمر تحملُه، فسألاها نَفسَها فقالت: لا واللهِ حتى تَشرَبا هذا القدَحَ، فشَرِبا القدَحَ حتى سَكرا فوَقَعا عليها، وقَتلا الصبيَّ، وتكلَّما بالكلمةِ. فلمَّا أفاقا قالت


(١) "الموضوعات" (٣٨٩).
(٢) "الموضوعات" (٣٩٠).
(٣) من قوله: فننظر كيف يعملان … إلى هنا ليس في (ب).